د. جاسر الحربش
واضح أن الرؤية السعودية للتنمية تنطلق في خططها من إمكانات وضرورة الانفتاح اللوجستي والسياحي والعلمي على العالم كله، أي على التعاون السلمي مع الشرق والغرب والشمال والجنوب.
ومن الملاحظ أنه بمجرد إعلان السعودية عن زيارة ولي العهد السعودي لباكستان والهند والصين لتكثيف الارتباط مع هذه المجموعة الشرقية بمشاريع تنموية متنوعة تحركت جهات سبق أن أشعلت من قبل الحروب الإقليمية في المنطقة، فحركت مجموعاتها الإرهابية والطائفية لإشعال النيران بين الهند وباكستان.
من المتوقع المنطقي أن من يتحكم في العالم ويديره ويعولمه منذ خمسة قرون، أي منذ غزوات كولومبوس وماجلان لن يرتاح لنجاح تعاون عالمي مخالف يفتح آفاقاً جديدة غير تلك التي يدار بها العالم منذ القرن الخامس عشر لصالح حضارة واحدة.
تسخين الجبهة الهندية الباكستانية ومعه التوتير المتسارع بين إسرائيل وإيران وانفصام العرب على أنفسهم بين هذا وذاك، ذكرني بمقال نشرته في هذه الزاوية بتاريخ (14 ربيع الثاني 1433هـ، 17مارس 2012م) تحت عنوان: لا دخل لنا بأي حرب إسرائيلية إيرانية. ذلك المقال بعنوانه ومحتواه والهدف منه يبدو وكأنه كتب اليوم ويحمل ما يشبه النبوءة بما يتهدد المنطقة العربية مرة أخرى من احتمالات تدمير أوسع انتشاراً مما حل بها من حرب الخليج الأولى والثانية والغزو الأمريكي البريطاني الإسرائيلي الإيراني للعراق، وما أحدثته زوابع الربيع العربي من كوارث، ولكن مع فارق كارثي أضخم هذه المرة. الفارق الذي يتهددنا هذه المرة ينذر بجر الخليج العربي بالذات إلى حرب آسيوية تشمل إيران وباكستان والهند، وعليه يجب مراراً وتكراراً الحث على البحث عن المستفيد الوحيد واتقاء شره ومؤامرته.
الشرق العربي الخليجي بموقعه الجغرافي وبمكوناته الديموغرافية المخلوطة لحد الإشباع بأعداد هائلة من المقيمين الأجانب سوف يكون الخاسر الأكبر، بعد أن سقطت العراق وسوريا من حسابات الدفاع عن العنصر العربي في الشرق الأوسط وقذف بها خمسين سنة إلى الخلف.
النأي الكامل بالبلاد والعباد عن دسائس المستفيد الأول والوحيد من تخريب العلاقات بين العرب وجيرانهم التاريخيين، ذلك هو التصرف العقلاني الحكيم، وبالطبع مع واجب التحسب للدفاع عن النفس دون الاعتماد على أي طرف من خارج المكونات الطبيعية للمنطقة.
وفي الختام، أتمنى على القارئ المهتم أن يعود إلى مقالي المذكور آنفاً (عن طريق الرابط في الأسفل) ليكتمل المعنى في السياق.
http://www.al-jazirah.com/2012/20120307/lp3.htm