سعد بن عبدالقادر القويعي
نعيش الحياة، وتنتهي، والقلب لم يستطع أن ينسى ألم الرحيل؛ لأنك كالمسك ما زالت رائحتك عالقة بكل زاوية من زوايا المكان الذي جمعني، وإياك؛ حتى وإن بقيت في الحلق غصة، وفي القلب حرقة، وفي الروح مرارة لا تهدأ -أبدا-؛ كون ألم فقدك كان محرقا ألجمني، عندما انتزع الموت روحا أحببتها بطهر.
أخذتني الأحزان نحو القلم، والورقة؛ لأتذكر حياة طويلة من السنوات، بلغت عقدين، ونصف العقد من الزمان، فلا أستطيع أن أقوم بإعادة طباعة الحروف التي سقطت من كتاب الأجل؛ ليحتل قلبي، وبقية حياتي؛ ولترحل معك أبا خالد ضحكتك، وبسمتك، ولحن صوتك الذي تردد على المسامع، ويرحل معك أجمل كتاب لدي؛ لكنني لن أستطيع قراءته -مرة أخرى-؛ لأن قلوبنا حزنت بوفاتك، وعيوننا بكت لفراقك، وما زالت نفوسنا تشتاق لك.
لا نبكيك اعتراضا؛ ولكن نبكيك شوقا، وفقدا، حين انطفأت قناديل الأمل في سماء حياتنا، وسكنت تحت الثرى، بعد أن كنت تسكن شغاف القلوب، وثنايا الروح، وشاركتنا تفاصيل الحياة لسنوات طويلة -بحلوها ومرها-؛ ولتبقى بعدها تراجيديا الغياب الأبدي، والحزن الذي يعصر القلوب جرحا، يستوطن أوجاعه، وربما لا تبارحها.
مع قسوة الفراق، والألم، ونحن نرسم لوحة الوداع الأخير، عندما حملناك على الأكتاف، نتضرع إلى الله، ونقف إجلالاً أمام مقامك تحت الثرى، وألسنتنا تهتف بالدعاء لك، بأن يحشرك الله مع زمرة النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، وأن ينزل على قبرك ضياء الرحمة، وأن يسكنك فسيح جناته.