«الجزيرة» - سالم اليامي/ تصوير - فتحي كالي:
أكَّد فيصل بن فاضل الإبراهيم نائب وزير الاقتصاد والتخطيط، أنه استرشادًا بما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله-، «أن تكون بلادنا نموذجًا ناجحًا ورائدًا في العالم على جميع الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك»، فقد ركزت وزارة الاقتصاد والتخطيط على السياسات الاقتصادية التي تسهم في تحقيق هذا الهدف السامي من خلال العمل على معالجة التحديات الهيكلية لسوق العمل، وسبل تحسين ميزان المدفوعات، وتحقيق نمو مستدام للناتج المحلي الإجمالي، مع ضمان الأثر الشمولي على مستوى القطاعات والمناطق، والأثر التوزيعي.
وقال الإبراهيم في كلمته خلال إطلاق اللقاء السنوي العشرين الذي تنظمه جمعية الاقتصاد السعودية أمس الذي ناقش «الاقتصاد السعودي: التنافسية والكفاءة»، برعاية وزير الاقتصاد والتخطيط محمد التويجري، وذلك في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات بفندق الأنتركونتننتال بالرياض: «إن الوزارة ستستمر في رفع المرئيات والتوصيات لمجلسي الوزراء والشؤون الاقتصادية والتنمية، وإصدار المؤشرات الاقتصادية الكلية، وتقدير الأثر الاقتصادي المتوقع من تنفيذ برامج الرؤية، وتقييم ومتابعة أداء الاقتصاد الوطني عند تنفيذ هذه البرامج، وتقديم التوصيات التي تساعد على تحسين تنفيذها بشتى الوسائل والسبل، والتي ستسهم في رفع كفاءة تصنيف المملكة على جميع الأصعدة».
وأكد أن جميع الجهات الحكومية ومؤسسات وأفراد المملكة، لهم دور كبير في تحقيق رؤية المملكة 2030، من خلال الشراكات واستغلال ما يزخر به المجتمع السعودي من رأس مال بشري طموح ذي همة عالية.
وأوضح الإبراهيم في بداية كلمته أن اقتصاد المملكة اعتمد في مرحلة ما قبل اكتشاف النفط على الموارد الأساسية من زراعة وتجارة محلية وخارجية وعلى فترات الحج والعمرة في تمويل ميزانية الدولة، ثم جاء اكتشاف النفط في عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله- في مدينة الدمام عام 1938م، حيث حُصِّلَت الإيرادات من شركات النفط الأمريكية، وأُنشئت شركة أرامكو، لتحقق بذلك المملكة منجزات مرموقة ونقلة نوعية.
وأفاد نائب وزير الاقتصاد والتخطيط أن مع تزايد إنتاج النفط قفز نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 4.146 ريال في عام 1970م إلى 74.932 ريال في عام 2016م، وارتفع متوسط عدد السنوات الدراسية للأطفال من 6 سنوات في عام 1980م إلى 17 سنة في عام 2016م، وزاد متوسط العمر المتوقع عند الولادة من 53 سنة في عام 1970م إلى 75 سنة في عام 2016م.
وبيَّن أن المملكة في الأونة الأخيرة واجهت العديد من التحديات الاقتصادية، خاصةً بعد الانخفاض الكبير في أسعار النفط مع مطلع عام 2015م، مما ترتب عليه اتخاذ العديد من الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لمواجهتها، ففي عام 2016م أُطلقت رؤيةٌ وطنية طموحة وغير مسبوقة لتحويل الاقتصاد السعودي من اقتصاد يعتمد على النفط بشكل رئيس إلى اقتصاد متنوع يتمتع فيه القطاع الخاص بدور فاعل ومنتج، محركًا للتوظيف ومصدراً لتحقيق الازدهار للوطن والرفاه للجميع.
وأبان أن رؤية المملكة تبعث الأمل للمزيد من التطور والإبداع لمرحلة تحولية جديدة بعد مرحلة اكتشاف النفط تطمح لتحقيق أهداف طموحة في مختلف المجالات، ومنها أهداف اقتصادية مثل: رفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16 % إلى 50 % من الناتج المحلي غير النفطي، وخفض معدل البطالة بين السعوديين من 12.8 % إلى 7 % مع وجود تحدي في تزايد أعداد الخريجين بواقع 250 ألف خريج وخريجة في السنة، وكذلك مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي من 40 % إلى 65 %.
وتناول نائب وزير الاقتصاد والتخطيط مستهدفات رؤية المملكة من خلال 13 برنامجًا، حيث تتضمن مبادرات محورية تسهم بشكل رئيس في رفع معدلات النمو الاقتصادي، ومنها على سبيل المثال: برنامج الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية الذي يستهدف استثمارات بقيمة 1.6 تريليون ريال حتى 2030م في قطاعات: التعدين، والطاقة، والصناعة، والخدمات اللوجستية، وكذلك برنامج صندوق الاستثمارات العامة، ويسعى إلى أن تكون قيمة استثمارات الصندوق المباشرة في المملكة بما يتراوح 630 مليار ريال حتى العام 2020م، إضافة إلى برنامج التخصيص الذي يتطلع إلى وصول الاستثمارات غير الحكومية في الخدمات والأصول الحكومية إلى نحو 60 مليار ريال حتى العام 2020م، وكذلك برنامج جودة الحياة الذي تتوقع استثماراته في مجال تشييد البنية التحتية وتمكين عروض نمط الحياة بقيمة تقارب الـ21 مليار ريال حتى العام 2020م.
وأضاف الإبراهيم أنه تم إجراء العديد من الإصلاحات الاقتصادية التي تهدف لتعزيز عمل برامج رؤية المملكة 2030 والارتقاء بمكانة المملكة ورفع مستوى الأداء في شتى القطاعات الاقتصادية والاجتماعية بشكل عام، ومنها تطوير التشريعات والبيئة التنظيمية والعمل على استقرار ووضوح السياسة المالية، وتعزيز الشفافية والحوكمة، وتحفيز مساهمة القطاع الخاص، واستحداث مجالات جديدة للاستثمار، ورفع كفاءة القطاعات الحكومية، وحماية حقوق الملكية الفكرية، وتوفير الخدمات العامة والتركيز على رفع جودتها وبدورها ستسهم في رفع الإنتاجية، وكفاءة رأس المال البشري، وتطوير بيئة استثمارات جاذبة.
ألقت رئيسة مجلس إدارة جمعية الاقتصاد السعودي الدكتورة نورة بنت عبد الرحمن اليوسف كلمة رحبت خلالها بالحضور، مبينة أن الجمعية أدركت أهمية مثل هذه اللقاءات والأنشطة الدورية، وركزت على الاهتمام بالقضايا الاقتصادية المهمة من خلال عقد لقاءات ومحاضرات وندوات وورش عمل تسلط الضوء على المتغيرات الاقتصادية الراهنة وكيفية التعامل معها، تناغمًا مع الجهود التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله.
وأكدت أن قطاع الاقتصاد من القضايا التي تشغل المواطنين، وقد أولت المملكة اهتمامًا كبيرًا بجوانب الاقتصاد كافة، وسعت على ترسيه اقتصاد قوي ينعم فيه الجميع بالرفاهية.
وتناولت خلال كلمتها رؤية المملكة 2030 التي تتضمن أهدافًا وبرامجًا سيكون من شأنها تنويع موارد الاقتصاد، والتقدم في الوضع التنافسي العالمي ورفع الكفاءة في مجالات الإنتاج ودعم النمو والتطور في جميع القطاعات، فقد شهد الاقتصاد حراكًا متميزًا في رسم الأهداف والبرامج وبناء الخطوات التي تعمل على تحقيق أهداف الرؤية، ومن هنا يأتي هذا اللقاء بعنوان (الاقتصاد السعودي: الكفاءة والتنافسية)، كخطوة لتتبع خطوات تحقيق رؤية 2030 التي شملت إعادة هيكلة القطاع الحكومي وإنشاء الوحدات والبرامج اللازمة التي تعمل سويًا تحت إشراف مجلس الاقتصاد والتنمية ووزارة الاقتصاد لتحقيق تلك الأهداف.