عمر إبراهيم الرشيد
ظل الربع الخالي، الغالي، على مدى تاريخه ولا يزال أسطورة الجزيرة العربية التي أسرت خيال الرحالة المستشرقين والمغامرين، بغموضه وبحار رماله المتفردة على صحاري العالم، وهدوئه وصفاء سمائه مع قلة سكانه وأحيائه مقارنة ببقية مناطق الجزيرة العربية. ومعلوم أن الجيوش والقادة على مر التاريخ قد هابوا اقتحام هذه الصحراء خوفاً من هلاك جيوشهم تحت شمسها اللاهبة وعلى رمالها المتحركة. إنما شهد الربع الخالي مرور المئات من الرحالة المستشرقين والمغامرين كما قلت على اختلاف مآربهم ومشاربهم. ولعل تنظيم رحلة لمئتي مستكشف ومغامر من دول عدة وعلى ظهور الإبل عبر الربع الخالي يعطي صورة عن التحول السياحي إن صح التعبير، كما يشكل مغامرات تختلف عن تلك التي تمت عبر القرون الماضية لأولئك المستشرقين الأوائل. على أن المغامرين الحاليين لا يعدون كونهم أول المغامرين السواح، فالصورة مشابهة مع اختلاف الزمن والمقصد.
لدينا إمكانيات لسياحة تاريخية، جغرافية وثقافية لتوفر أماكن وبيئات يبحث عنها السائح الأجنبي ويتوق لسبر أغوارها، بعد أن قرأ عن مغامرات أولئك الرحالة، وشاهد من أفلام وبرامج، بعضها منصف وأكثرها متحيز أو تنقصه الموضوعية، لذا فإن مثل هذه الرحلة التي ينظمها مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل هي في رأيي بداية التغيير الإيجابي، فلدينا الكثير من الإمكانيات الحضارية إذا أحسنا توظيفها لتظهر هويتنا الأصلية أمام السائح الأجنبي، دون تقليد أو عرض ما يمكن أن يجده السائح في بلده أو في دول أخرى. هناك مسابقة تسلق جبال طويق، وسباق (رالي) حائل، ومهرجان الجنادرية، مهرجانات التمور والزيتون وغيرها الكثير، يمكن مع تحسين هذه المهرجانات وإبعادها عن البهرجة التي تفسد أصالتها التي يبحث عنها السائح سواء الأجنبي أو المواطن، يمكن أن تشكل روافد سياحية ومن ثم منافع اقتصادية واجتماعية وثقافية، مع التوازن بين الأصالة والمعاصرة وطابت أوقاتكم.