سام الغُباري
يدور الغُلام «محمد عبدالسلام» حول منازل السيناتورات في أزقة لندن، فيجيبه الصمت وتستقبله الأبواب المغلقة، وحده كلب بريطاني من نوع «بول ماستف» يشاركه الهزء وإيماءة الرأس.
العالم الذي أوصد الباب أمام جناح حزب الله السياسي ووصمه بالإرهاب سيصل إلى نتيجة مشابهة وقريبة لقرار آخر يضع أولئك الحوثيين المتسكعين في شوارع أوروبا بقائمة الإرهاب.
لا بديل أمام العالم الغربي سوى الاعتراف الأخير بحقيقة الحوثيين وأنهم لم يكونوا جديرين بالسلام كما هم سبّاقون إلى الخراب والدمار، العروق الاصطفائية التي تناقلها الإماميون الفارسيون عبر الزمن ونطفت جيناتها المتكبرة في اليمن وسقت قرونًا من الظلم والدم لم يعد لها مكان اليوم، أفعال الغزوات وحروب الضم والإلحاق لا مبرر لها في كوكب يعرف قُطبه الشمالي هسيس الرياح في القطب الآخر. لن يقف أحدٌ مع «عنترة» في هذه اللحظات التي لم يعد للسيف فيها أي قيمة سوى الموروث المُعلق بالإعدامات المثيرة للخزي.
لم يجد غلام عبدالملك بدرالدين حيلة للقاء وزير خارجية بريطانيا سوى ملاطفة كلب «بول ماستف» التائه والمشاركة به في مسيرة للكلاب تدعو لاستفتاء ثانٍ حول خروج المملكة الأم من الاتحاد الأوروبي، اصطف مع الآخرين الذين وصلوا إلى البرلمان البريطاني، وهناك تعلق الغلام بجيرمي هينت الذي وجد في اللقاء فرصة جيدة لتغريدة تدعم سُبله السياسية كوزير يبدي اهتمامه بما يدور في هذا العالم، صافح بيده اليمنى غُلام الحوثيين المتحاذق وصفعه باليد الأخرى، قال: إن على الحوثيين الانسحاب الفوري من مناطقهم الأخيرة في الحديدة بما يضمن عملية إحياء واقعية للسلام المأمول من تفاهمات استوكهولم السويدية، لكن ما يبدو من كل هذا اللقاء العابر أن الغلام يدور حول نفسه مُحاولاً التلاعب بأباطرة السياسة والخُدع الكبرى.
عبثٌ مراهق يُمدد أزمة السلام في اليمن، يضطر المبعوث الأممي لزيارات مكثفة إلى صنعاء للقاء قادة الميليشيا الإرهابية وإنقاذ ما تبقى من حياة أخرى لعناصرهم التي لم يصلها بعد بأس اليمنيين الحاسم. غير أني أقولها واثقًا: لن ينتصر السلام في اليمن وما تزال في جعبة الحوثيين طلقة واحدة. يجب أن تُكسر رؤوسهم أو أن يوقعوا وثيقة استسلام واضحة للتحالف العربي والحكومة اليمنية تضمن حمايتهم بعد ذلك من غضب اليمنيين، والمشاركة في عملية إصلاح سياسي وتنموي حقيقي لا مكان فيه للاصطفاء والعرقيات البائسة. فقط هوية واحدة اسمها اليمن، يمن لا مكان فيه لوكلاء السوء وعبدة الشيطان ونافخي الكير وكُتب العنصرية السُلالية القاتلة.
الاستسلام هو الخيار الأخير في اليمن، أو لبنان أو العراق، كل أولئك الذين تُنصّبهم الساسانية الإيرانية وكلاء لأوهامها الفارغة يجب أن يستسلموا، فحروبهم الصغيرة لن تدوم، والعالم الذي يتحدث مهمومًا بلغة السلام سوف يبادر إلى دعم القدرات العسكرية لحسم المعارك وإزاحة وكلاء الدم من منطقة الشرق الأوسط، وإن لم يفعلها أصحاب العيون الزرقاء، فسيحسمها تبابعة اليمن وملوك بابل وأمراء لبنان.
هذه المرة عثر غُلام الحوثي على كلب لإضفاء لمحة إنسانية على طبيعته الدموية، هذه ألاعيب تحدث، كأن تجد قاتلاً يبني كوخًا من الخشب لمأوى أيتام من قتل آبائهم!، في المرة القادمة قد لا يجد «الغلام» شيئًا، ربما ينبح هو من أعماق جبل نقم في صنعاء، النباح الأخير الذي يرشد إليه المقاتلين، حينها يدنو العجب من مكر التاريخ وتكراره، وستُكتب سطور جديرة بالتأمل على سياق المثل الأثير: جنت على نفسها براقش، هذه المرة سيقولون: جنى الغلام على نفسه وسيّده.