البشر بشكل عام يؤمنون أشد الإيمان بمرض أجسامهم، ولا يؤمنون بمرض نفوسهم، فإذا تألم أحدهم بألم جسمي أسرع إلى عيادة الطبيب في المشفى فأخذ يصف له أعراض الألم ويستوصف دواءه وينفذ أوامره بدقة تامة ويبذل في ذلك الأمر المال مهما كان وذلك من أجل صحته وعافيته لو كان المرض نفسي فلا يعطيه أهمية ولا يعيره عناية واهتمام ولا يستشير طبيباً نفسياً ولا يعطي الأعراض والأسباب أهمية كبيرة فلا يسعى للعلاج ولا يجدّ في معرفة الدواء كأن نفسه لا قيمة لها من جسمه، وروحه أتفه من بدنه.
فهناك عدوى تصيب النفوس كعدوى الأجسام وهناك انفعالات تحرق النفس وتضنى البدن وكل الأمراض لها علاجات متعدِّدة باختلاف المرض وباختلاف المرء منها ما يسكن الألم ومنها ما يشفى المرض والفرق بين أمراض الجسم وعلاجه كالفرق بين الجسم والنفس.
فما أحوج المشافي لأطباء مهرة في هذا المجال حتى ترتقى مع الزمان رقي أطباء الأجسام.
فالذي صرف البشر عن علاج نفوسهم إلى علاج أجسامهم -لأنهم لا يؤمنون إيماناً تاماً
بأطباء النفوس- فإيمانهم التام بأطباء الأجسام فقط.
فإنهم لا يعتقدون في صلاحيته هؤلاء لأنهم يستسلمون للمرض النفسي كما يستسلمون للأمراض الجسمية فهناك مدارس التهذيب وذلك من أجل معالجة الأمراض النفسية وهناك الوعاظ لإرشاد البشر إلى الخير وتحذرهم من شتى أنواع الشر إلى جانب إصلاح جوانب الشر فهي تكون علاجاً عاماً لكل الأفراد من الإفراط في الأكل وأضرار التدخين -وفوائد الرياضة والاعتدال في الأكل والمشرب- فهذه الأمور أقرب إلى الوقاية لا إلى العلاج وأقرب للاحتياط من الوقوع في المرض لا لعلاج المرض فضحايا أمراض النفوس عديدة - منها على سبيل المثال ما يلي:
- صرعى الخوف من الموت والفقر.
- صرعى الشك في الدين وفي الحياة.
- صرعى الحزن - فهذه الأمراض سالفة الذكر لها أسباب عدة: الحالة الصحية - الحالة الاجتماعية - الحالة البيئية - لقد خلق الله سبحانه وتعالى النفوس البشرية متشابهة في بعض جهاتها ومختلفة في بعض جهاتها.
والنفوس تشترك في اللذة والألم وتشترك في أهم متابع اللذة ومتابع الألم وتشترك في الغرائز الأساسية وما إلى ذلك
فالمرء يسعد إذا عرف طبيعته وحدوده التي يستطيع أن يصل إليها ونوع الرقي الذي يمكنه من أن يبلغه.