تضم المملكة العربية السعودية -ذلك القطر المحوري على الصعيدين الإقليمي والعالمي- بين جنباتها ما يزيد على (20) مليون مواطن، والعدد في تزايد من عام لآخر، والمسؤولية أصبحت كبيرة وصعبة بالنسبة للحكومة وأنظمتها البيروقراطية وهناك حاجة ملحة لتغييرات جذرية، ومتطلبات عصرية، وفي أسرع وقت، ولم تعد الحلول المؤقتة أو المهدئات هي الحل الأمثل، وخاصة في ظل المتغيرات الحالية، والتوازنات السياسية المحيطة بنا وذات التركيبات الغريبة في نوعيتها، التي قد تتغير بين عشية وضحاها، وفقًا للعبة المصالح، ولم تعد هناك وسيلة مجدية لمعرفة لتقلبات القادمة.
وتعد رؤية سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان 2030 هي الرؤية الوحيدة التي يعقد عليها الجميع الرهان وكسب التحدي بالنجاح والوصول لأحلامنا.
وكان من أولويات الرؤية «العلاج بالصدمة» وعلى الرغم من غرابة اللفظ على مسامعنا؛ وهو «العلاج بالصدمة»؛ رؤية تحترم من حيث الهدف، وذلك على الرغم من كونها محفوفة بكثير من المخاطر بالداخل والخارج، إلا أنه يمكن من خلال مفهوم «الصدمة» المضي بخطى سريعة نحو المبتغى بما يختصر سنين في سبيل نهضة داخلية، وبالتأكيد سوف يسهم ذلك في تعزيز الوضع السياسي على الساحة الدولية، وتلك أهداف نسعى إليها جميعًا.
لنبحر معًا في مفهوم «الصدمة» كفكرة؛ فهو يحوي في طياته كثيرًا من الأبعاد، وفي طليعتها العلاج الحاسم لجميع ما نعانيه من أسقام، وعدم الاختباء والتواري، والتخلي عن سياسة الترميم، بكافة أشكاله (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية) التي أصبحت غير فعالة، ولنمثِّل ذلك بأرض زراعية تتم تهيئتها لبذر جديد ففي البداية يجب التخلّص من الحشائش، والعوالق، والآفات، وهذا يتمثل في القضاء على الفساد المالي والإداري، والفكر النمطي السائد الذي يسيطر على ثقافة الفرد الذي يمكن أن يكون أكبر معوِّق في سبيل تحقيق نهضة اقتصادية، ويجب أن يكون ذلك بالتزامن مع تهيئة الحياة الاجتماعية؛ لتقبل المفاهيم الجديدة، التي يمكن أن نسميها «روح العصر»، وجميع ما سبق يتطلب قرارات جريئة للغاية بعيدًا عن التردد والخوف، حتى ولو كانت صادمة ولا تروق للبعض فمشرط الجراح قد يكون هو العلاج المثالي في كثير من الحالات المرضية.
إن العمل والجهد لتطوير الوطن يعد هو الداعم والمنقذ في خضم الصراعات الخارجية المتلاحقة، والجبهات العدائية المتنوعة، ومن هذا المنطلق يسطع مبدأ «الاستقلالية» كحل مثالي، بما يعني أن تكون «ملك نفسك»، ولكي يحدث ذلك لا بد أن تكون قويًا بما فيه الكفاية، وفي تلك الحالة سوف تصبح أنت المتحكم في قيادة دفة الأمور.
إن قوة أي أمة تنبع من الاستثمار الأمثل لأبناء ولمقدرات الوطن، وليس من خلال الاعتماد على الآخرين، ممن قد يجبون عليك خيرهم يومًا، وينسون العِشرة، وهذا ما انتهجته القوى العظمى في بداية طريقها للتفوق والعلو...
والسائر على الدرب حتمًا سوف يتفوق يومًا ما.