مها محمد الشريف
لطالما احتلت أخبار استقالة ظريف وزير الخارجية الإيراني وسائل الإعلام وصفحات الصحف، وكانت هذه المسرحية ضمن الأجندة السياسية الإيرانية، لذلك فإننا نجد على الدوام فجوة هائلة بين الداخل الإيراني وملف الخارجية وسطوة الحرس الثوري حيال تصعيد هذه التداعيات وتصديرها للحصول على مزيد من التنازلات في رسالة موجهة للمجتمع الدولي.
لن يكسب النظام الإيراني من افتعال هذه الأزمة سوى صراعات داخلية أكبر وإن تذاكى في موضوع الاستقالة، فليس ثمة من جديد فهي سياسة متوافقة تمامًا مع الدور الإرهابي الذي تلعبه إيران المتجذر في إيديولوجيا الكراهية التي زرعتها في مساحات شاسعة من العالم، وقد آثر هذا النزوع رغبة جامحة في تأجيج الصراع في منطقة الشرق الأوسط، فالأمة العربية تعاني من تحديات كبيرة بعد إعلان العداء للعرب، وقد نشأ عن هذا العداء إرهاب منظم ضد الدول العربية، فالمعرفة بهذا الشأن ليست حديثة عهد وإنما قديمة، والكل يعمل على ترجيح الموقف العقلاني، وسياسة موحدة لمحاربة الإرهاب وضده تتحالف الأمم وتعمق الترابط في ما بينها.
لفد شكل الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه إيران أزمة سياسية داخلية متفاقمة وغضبًا شعبيًا عامًا، وخسارة كبيرة، وأول خطوة أساسية على الطريق أفول النظام، مهما كانت سلطة الحرس الثوري والمؤسسات الدينية المتطرفة التي تعيش في حالة من التوتر والقلق تحسباً لما سيؤول إليه الأمر وما يتربص بهم، والرضوخ لحظر أي تعامل مع الشركات الأجنبية وتنفيذ هذه الإجراءات مع النظام المالي الدولي.
وقالت عنها الاستخبارات الأمريكية أن إيران لا تشكل أي تهديد عسكري وأن عقائدها الإستراتيجية هي عقائد دفاعية، وأن برامجها النووية من دون أي محاولة لإنتاج القنابل «تعد جزءًا رئيسًا من إستراتيجية ردعها». لاسيما أن من فظائعها تغذية الفوضى وإذكاء النزاعات الطائفية، حيث جرى الإعداد لها، ولكن الخوف من المواجهة جعلها تتخبط بمسرحية استقالة ظريف وإظهار صورة النظام الإيراني المهزوزة وهشاشة النظام، فبعد إعلان استقالة ظريف نزلت البورصة الإيرانية الفين نقطة.
من هنا نلحظ دليل تخوف الناس من انهيار الوضع والرعب مما يمكن أن يحدث من جراء استقالة هزت البورصة. وهذا الحدث دفع الحرس الثوري والمؤسسات إلى الاستماتة في التمسك بكل مفاتيح ومقاليد السلطة في كل المجالات الداخلية والخارجية، وعدم الأخذ بأي قوى أخرى يكون لها تأثير.
في سياق الحديث عن الاستقالة لا تلبث أن تكون دلالة على صراع القوى داخل النظام الإيراني، وهذا معناه بأن المنظومة أصيبت بشرخ وانقسامات، ذلك أيضًا ليس بالأمر المستغرب بالتحايل من روحاني وفريقه فقد أصبحوا ضعافًا ولم يعد لديهم سوى الحيل والمسرحيات والاستقالة تعتبر وسيلة ضغط من المرشد.
إن أياً من هذه العوامل تخبر أن النظام بدأ يأكل نفسه، وهذه الهالة الكبيرة التي سربها للإعلام والصحافة بأنه متماسك انتهت وانفضحت، والاستقالة موقف تمثيلي مع روحاني. بعدما تجاهلوا وزير خارجيتهم ولم يدعوه أثناء زيارة بشار لطهران فهو يثبت بشكل قاطع أن إيران فيها أكثر من رأس حاكم، ومن هنا أتت أهمية الاستقالة وليس شخص ظريف، فهل شارك بشار في فصول هذه المسرحية؟.