فوزية الشهري
زيارة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وما تبعها من إدراج للغة الصينية في مناهج التعليم السعودية، هذه خطوة نحو الانفتاح الثقافي مع دولة متقدمة صناعيًا واقتصاديًا، وتمكين لتحقيق شراكة إستراتيجية شاملة بين الدولتين وكذلك فهي تخدم تطلعات الدولة لتحقيق رؤية 2030 وزيادة الروابط التجارية والثقافية بين البلدين. اللغة الصينية والصين أصبحت حديث مجالسنا وتتداول كثيرًا عبر وسائل التواصل ويراود الكثير منا هذا السؤال ما طبيعة نهضة الصين؟ وكيف وصلت إلى هذا التقدم الاقتصادي والتنموي؟
يعتقد البعض أن طريق التقدم لا بد أن يمر بالنموذج الغربي، وهذه النظرية خاطئة فلقد أثبتت الصين أنها وبنموذجها الخاص للتنمية نهضت نهضة دولة متقدمة متحضرة ملتزمة في تلك النهضة بمسارها الخاص وقيمها وثقافتها، وتفوقت على غيرها وما زالت مستمرة ومتطلعة للأفضل.
يقول الدكتور (تشانغ وي وي) وهو باحث سياسي ومؤلف شهير صيني وأستاذ جامعي وقد بدأ أول حياته العملية مترجمًا للرئيس الصيني (دنغ شياوبينغ) ودخل كواليس صنع القرار في الصين منذ بداية حياته وعايش تطور الصين «إن نهضة الصين ليست نهضة دولة عادية وإنما نهضة دولة فريدة من نوعها أي أنها دولة متحضرة فهي تمثل نموذجًا جديدًا للتنمية وخطابًا سياسيًا جديدًا يشكك في كثير من الافتراضات الغربية بشأن الديمقراطية والحكم وحقوق الإِنسان وكل هذا من شأنه أن يبدأ موجة من التغيير غير المسبوق في تاريخ البشرية» يقول أيضًا «إن الغرب قد يستفيد بالفعل من نهضة الصين فيما يتعلق بالسلطة والأفكار تمامًا مثلما استفادت العديد من الدول ذات الاقتصاديات النامية أو الانتقالية».
وقد كتب (توماس آل فريدمان) الكاتب في جريدة «نيويورك تايمز» عام 2008 مقالاً مثيرًا للاهتمام بعنوان (سبع سنوات مقدسة) قال فيه «وأنا جالس على مقعدي في ملعب بكين الوطني أشاهد آلاف الراقصين الصينيين وقارعي الطبول والمغنين في حفل الختام لم يسعني سوى التفكير في كيف قضت كل من الصين وأمريكا السنوات السبع الأخيرة» ثم يقول «لكي يبدأ اتضاح الفارق فكل ما عليك هو عقد مقارنه عند الوصول إلى مبنى الركاب بحالته المزرية في مطار (لاغوارديا) في نيويورك وقيادة السيارة عبر مرافق البنية التحتية المتهالكة في منهاتن أما عند الوصول إلى مطار (شنغهاي) الممهد وركوب القطار المغناطيسي المعلق بسرعة 220 ميلاً الذي يستخدم خاصية الدفع الكهرومغناطيسي للوصول في لمح البصر ثم أسال نفسك من يعيش في دولة من دول العالم الثالث» وختم مقاله «لا أريد أبدأ أن أخبر بناتي أن عليهن الذهاب إلى الصين لرؤية المستقبل».
ويقول (جميس ماكجريجور) الرئيس السابق لغرفة التجارة الأمريكية في الصين «واحدة من الأشياء التي نستطيع تعلمها من الصين هي تحديد الأهداف ووضع الخطط والتركيز على المضي قدمًا بالدولة كأمة».
تجربة الصين بالنسبة لي ملخصها أنها بحثت عن مطالبها الداخلية ووضعت نموذجها الخاص واحتفظت بهويتها وقيمها وتماسكها الاجتماعي ولذلك استطاعت النجاح.
الزبدة:
مثلما يعود النهر إلى البحر هكذا يعود عطاء الإِنسان إليه.
«حكمة صينية»