فهد بن جليد
أكثر من خمسين في المائة من السعوديين لا يرغبون في ممارسة الرياضة. الهيئة العامة للإحصاء أظهرت نتائج مسح ممارسة الرياضة للأسر بالمملكة، التي تقول إن 17.40 % فقط من الأفراد يمارسون المشي لنحو 3 ساعات أسبوعيًّا. وهذه نسبة غير مُرضية بالتأكيد؛ وهو ما يعني أن سكان المملكة من السعوديين وغير السعوديين بحاجة إلى توعية أكبر بفوائد المشي الصحية، أو أن مواقع المشي غير كافية وغير مجهزة؛ وتحتاج إلى زيادة، إضافة إلى ضرورة التغيير في أساليب الحياة وأوقات الدوام؛ لأن عدم وجود وقت كافٍ لممارسة رياضة المشي والتمارين الرياضية إشكالية أخرى، مع ضرورة تغيير نظرة الناس لممارسي المشي. أذكر أنني كتبت هنا في 16 يوليو 2014 مقالاً بعنوان (فوائد التطفل) حول ما يواجهه من يمارسون رياضة المشي في شوارعنا وحوارينا، إضافة للتأثير النفسي للمشي والتأمل والتخلص من الهموم، وفق دراسة ألمانية سابقة. تراتبية الأنشطة الرياضية التي يمارسها السكان في السعودية، بحسب تصنيف هيئة الإحصاء على النحو الآتي: المشي أولاً، ثم كرة القدم، ثم بناء الأجسام. وأقل نشاط رياضي يمارسه الناس هو السباحة؛ والسبب بكل تأكيد عدم توافر مسابح في كل مكان. وهذه دلالة أخرى على وجوب تطوير البيئة المحيطة بالناس حتى يتغير سلوكهم نحو الأفضل بممارسة النشاط الرياضي الذي يساعد في تجويد وتحسين حياتهم صحيًّا ونفسيًّا؛ فظروف المناخ تمنع الناس من المشي في ساعات الظهيرة أو المساء المبكرة، وعند المشي في وقت متأخر من الليل قد يتطلب الأمر تأهيلاً أكبر مما هو موجود لهذه المواقع بكل الخدمات اللازمة التي تساعد وتشجع الناس والأسر على ممارسة المشي. هذا الأمر أخرج لنا ثقافة أخرى، هي المشي في المولات والأسواق الكبيرة في طوال اليوم لأشخاص لا يريدون الشراء أو التسوق، أسميتهم (لصوص المولات)؛ لأنهم يستفيدون من التكييف والخدمات التي توفرها المولات والأسواق المغلقة لمرتاديها، وهو سلوك يبقى غير صحيح، كتبتُ عنه أكثر من مرة. راجع مقالي في 17 أغسطس 2015 بعنوان (خطافة الرجالة)، الذي ألمحت فيه إلى جواز أو عدم جواز هذه الممارسة.
في النهاية نتائج مسح الهيئة العامة للإحصاء خطوة في الطريق الصحيح لكشف موقعنا على خارطة ممارسة الرياضة، ووضع الحلول اللازمة، وهذا ليس دور جهة واحد، بل يجب أن يتكاتف الجميع لنشر هذه الثقافة وتعزيزها ودعمها، وتهيئة الظروف والبيئة المناسبة لها؛ حتى نحقق نتائجها الصحية والنفسية، وألا نركن للدعوة للمشي فقط وترديد هذه النِّسَب دون تحسينها في الأعوام القادمة.
وعلى دروب الخير نلتقي.