د. محمد عبدالله العوين
هل التطرف ضد الدين رد على التطرف الديني خلال سنوات تصاعد مد الفكر الإرهابي في الأعوام من 2012- 2018م؟
من الحكمة ألا نتغافل عما يحدث الآن من وقائع تمرد أو هروب أو إعلان تنكر وتنمر ضد المجتمع بمكوناته الأخلاقية وضد الدولة بمكوناتها السياسية والأمنية وضد الموروث العربي؛ وبمعنى أكثر تحديدًا ودقة ضد مكونات الأمة العربية الإسلامية.
وبعيدا عن تسيس حالات التنكر والنفور والتمرد والاستقطاب الأيدلوجي والشحن ضد المجتمع من المنظمات الحقوقية الموجهة والسفارات العالمية المكلفة يمكن تدوين تفسير بريء للحالة بأنها رد متوقع للتطرف الديني الذي أغلق منافذ الحياة على المجتمع خلال أكثر من ثلاثة عقود ثم تنامى إلى أن أنتج تنظيمات إرهابية بمسميات متعددة من «سلفية جهادية» و»قاعدة» و»داعش» وغيرها، وهيأت البيئات العربية التي امتد إليها لهيب الفوضى في تلك الدول التي دمرها الخريف العربي محاضن مناسبة للهرب إليها وتكوين تجمعات إرهابية متناغمة عملت على بناء منظوماتها الفكرية والإعلامية وبثت خطاباتها المحرضة على التدمير والقتل والخروج على الأنظمة واستهداف أمن المجتمعات العربية باسم الجهاد.
ما يقرب من خمس سنوات كانت ذروة تصاعد مد التطرف الذي استقطب إليه في مناطق الصراع آلافا من الشبان والشابات، ورأينا آلاف الحسابات التي تفتح كل يوم ويغلق منها المئات ثم يفتح البديل فورًا؛ وكأن ذلك التحريض ليس عمل أفراد؛ بل أجهزة استخبارات.
وراح ضحية موجة الإرهاب آلاف من الشبان والشابات في سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها، دفنتهم رمال الصحاري أو متاهات الأودية أو أعماق الآبار أو طمي الأنهار أو ركام الأبنية التي دكتها المدافع وأطنان القنابل، فسكت ضجيج توتير واختفت صور من سموا أنفسهم بـ»المجاهدين» و»المجاهدات».
لم تكن الإرهابيات التي ران على أسمائهن صمت مطبق حالة عابرة مضت وانقضت وطويت ونسيناها على ما أحدثن في نفوسنا من مرارة وألم؛ لانحرافهن عن الاعتدال والقسط إلى التطرف والتكفير؛ بل خلقن في المقابل تطرفا آخر مضادًا انقلب على المجتمع وتنكر لقيمه وأخلاقه وأعلن الحرب عليه من الداخل ومن الخارج.
ومثل التطرف باسم الدين في فترة صعود مده إرهابيات شكلن له صورة وأحدثن له دويًّا إعلاميًّا؛ كما هو حال أروى البغدادي وريما الجريش ومطلقة ساجر وندى القحطاني ومي الطلق وأمينة الراشد ووفاء الشهري وسهيلة القصير ووفاء اليحيى.
وأنتج التطرف الديني الذي مثله أولئك الإرهابيات تطرفًا آخر مضادًا مثله تيار «النسوية» الذي بلغ حده الأقصى في استعداء المجتمع والنفور منه وإعلان الحرب على قيمه بالهروب وطلب اللجوء وتشكيل جبهة حرب إعلامية حقوقية مزعومة بدعم من دول أجنبية استغلت انحراف النسويات: رهف القنون ومنال الشريف وسلوى الزهراني والمدعوة ريري، وغيرهن.
ولا شك أن تطرف النسوية المضاد يضر ويشوه كثيرا مما تحققه المرأة السعودية من نجاح وتميز وإسهام في التنمية وبانسجام تام مع قيم المجتمع والدولة.