هالة الناصر
إن العلاقة بين الطلاب والطالبات وبين مدرستهم تظل ذات خصوصية لما لها من تأثير على تكوين عقليتهم ورسم الخطوط العريضة التي من خلالها ينظرون إلى العالم ويتعاملون معه، حيث تكون المدرسة دائمًا هي المنبع الذي يتدفق منه الفكر والوعي الخاص بكل طالب وطالبة.
ولكن للأسف يسيئ كثير من أولياء الأمور تقييم هذه العلاقة وتقدير تأثيرها على الطلاب والطالبات، وينظرون إلى المدرسة ليس كطرف مشارك في عملية بناء شخصية الطلاب عبر تحقيق رسالة سامية، ولكن ينظرون إليها وكأنها أجير يؤدي عملاً محددًا مقابل مبلغ من المال!
ومن هذا المنطق القاصر يمكن أن نفسر كثيرًا من تصرفات أولياء الأمور مع القائمين على مدارس أبنائهم وبناتهم خصوصًا المعلمين والمعلمات، من النظرة غير اللائقة التي تعطي أفضلية للطالب على المعلم وتخلق فيه الجرأة على الانتقاص من معلمه أو النيل منه قولاً أو فعلاً، وهو أخطر ما يمكن أن يهدد العملية التعليمية.
حقيقة كانت واقعة المشادة التي حدثت بين طالبة ووالدتها من جانب، وبين منسوبي إدارة تابعة لإحدى المدارس في محافظة صبيا بمنطقة جازان، مثالاً جعلني أشعر بالحزن نتيجة طريقة تعامل أولياء الأمور مع المسؤولين على العملية التعليمية، فالتفاصيل حتى الآن لم تعلن، وأنا لا أتهم طرفًا بعينه في هذه القضية، خصوصًا أن الواقعة ما زالت قيد التحقيق، ولكن دلالة الموقف هي التي استوقفتني ودفعتني للتفكير في هذه النقطة الشائكة.
فحتى لو افترضنا أن الإدارة ومنسوبيها أخطؤوا في حق الطالبة أو حق والدتها، فإن هناك الكثير من الوسائل التي تستطيع بها الأم أن تتحرك وتعيد الأمور إلى نصابها، لا أن تشارك ابنتها في هذه المشادة لتبث فيها الجرأة غير المطلوبة ولا التي يقبلها أحد على من يتولون تربيتها وتلقينها العلم.
إن أخطر ما في القضية أن تشعر الفتاة -أيًا كانت نتيجة التحقيق- بالانتصار والزهور من القصاص من منسوبي المدرسة، وهو ما سيحدث تأثيرًا سيئًا طويل المدى والتأثير في طريقة تفكيرها وبنائها الواعي لسنوات، وكل ذلك نتيجة عدم وعينا ولا تقديرنا الصحيح لدور المدرسة في حياة أبنائنا وبناتنا.