أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: ربط (أرسطو) المعرفة التاريخيّة بمظاهر الذاكرة، ورأى أنّ التّعرّف التاريخيّ يخلي مكانه للشعر؛ وهو أقرب إليه منه إلى العلم.. وفرانسيس بيكون (الذي يخالف أرسطو): جعل التعرّف التاريخي خارج العلم وتفسيره؛ على أنّه نوع من الفن، وأنه نظام سياسيّ أخلاقي مساعد لا يثير أيّ اعتراض.. قال (راكيتوف): وقد ظل هذا التفسير سارياً مدّةً طويلةً من الزمن، وفي القرن التاسع عشر فقط حقّقت مسألة إمكانية العلم التاريخي، وظهرت حلول جديدة.. انظر (المعرفة التاريخية) ص 110 لـ(أناتولي راكيتوف) وهو كاتب ماركسي.
قال أبو عبدالرحمن: (أناتولي راكيتوف) اختصاصيّ سوفييتي بارز في نظرية المعرفة والفلسفة والطرائقية ومنطق العلم.. أصدر عدداً من المؤلفات: منها (تشريح المعرفة العلمية) 1969 ميلادياً، و(مجموعة محاضرات في منطق العلم) 1971 ميلادياً، و(مبادئ التفكير العلمي) 1975 ميلادياً، و(القضايا الفلسفيّة في العلم) 1977 ميلادياً، وقد ترجمت بعض مؤلفاته إلى لغات أجنبية؛ وهو رئيس قسم العلم الفلسفيّ في قسم الإعلام العلمي للعلوم الاجتماعية في أكاديمية العلوم السوفييتية، ورئيس تحرير مجلة (الفلسفة وعلم الاجتماع)، ومجلة (العلم الفلسفي في الاتحاد السوفييتي)، وغيرها.
قال أبو عبدالرحمن: التاريخ وقائع منها السياسيّ والحضاري والعلمي والأدبي؛ فهو موضوع لكل المعارف البشرية.. وبعد ذلك فالتاريخ ذو أصول ومنطق؛ فهو حقل علمي قائم بنفسه؛ والزعم بأن التاريخ أقرب إلى الشعر بمقابل العلم: إنما يكون عندما يكون همّ المؤرِّخ والقارئ المسامرة بكل نادرة بدون اعتناء بالنقد والتحليل والتفسير والاستنباط والتأصيل.
قال أبو عبدالرحمن: تقديس العقول والمطلق، وتحميلها فوق ما في وسعها في الإدراك، والخبال في النفس؛ وهو من استحواذ الشيطان بدعوى الذوق والكشف، وسهولة الإيمان بالمنامات، والحكايات، والأحاديث الموضوعة، وأسر الإلف والعادة والبيئة، وتصدّر من لا يخافون الله بدعاوى الولاية وكشف الحجب والأبدال والأغواث والكرامات التي هي أحوال شيطانية، أو إنسية كالتساكر بالأفيون، وتوليد الأحاديث الموضوعة، والأخبار المصنوعة؛ من أجل الجاه، وأكل الخبز الخبيث، والبعد عن صريح القرآن الكريم، وصحيح السنَّة المطهَّرة بالتأويل المدحوض بدلالتي التصحيح والترجيح، واختراق المسلمين بالمتأسلمين تقيّةً وهم ملاحدة حاقدون على الأمة ودينها من الإمبراطوريات الوثنيّة ثأراً لملكها الزائل، وباطلها الزاهق؛ وكلّ كيد أهل الكتاب، ومخالفة وصية الله بالاعتصام بشرعه، وعدم التفرّق، وغلبة الأهواء والشهوات والشبهات، وحب الزعامة في المناصب الدينية، والحمية للإلف، وتقليد المناصب وما عليه الإرث: كل ذلك جعل أمتّنا أحزاباً وشيعاً متناحرة؛ حتى أصبح أهل الحقّ طائفةً واحدة لا يضرّها من خذلها إلى يوم القيامة.. ومن الظواهر المؤلمة أن ترك الناس تحقيق مسائل العقيدة عند من جعلوهم أئمةً لهم من أتباع السلف أهل الحديث في الفقه وأصول الفقه كمالك والشافعي وسفيان بن عيينة ومن يحكي خلافهم وإجماعهم أمثال: ابن المنذر، والمجتهدين المتأخرين كابن جرير وابن عبدالبر - رحمهم الله تعالى.
قال أبو عبدالرحمن: أمّا الذين اخترقوا المسلمين بالمأسلمين فقد، جعلوا لهم أئمة في التوحيد دينهم توليد الأفكار، وجعلوا لهم شيوخاً في طرق الرقص الصوفي؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله.. وإلى لقاء مع بقيّة هذه الهموم إن شاء الله تعالى، والله المستعان.