ياسر صالح البهيجان
أحدثت شبكات التواصل الاجتماعي تغيرًا في طبيعة العلاقة التي تربط الأجهزة الحكوميّة والمستفيدين، وبات بمقدور المستفيد التعبير عن رأيه وإبداء ملاحظاته عن الخدمات التي يتلقاها من الجهات بكل شفافيّة ووضوح، وتلك التعليقات وإن كانت ساخنة بعض الشيء إلا أنها ثروة من المعلومات التي بإمكانها مساعدة صنّاع القرار في التعرف على مكامن الخلل والقصور في منشآتهم، ووضع الحلول الملائمة لمعالجتها وتجاوزها.
وأجزم بأن إنشاء بنك للمعلومات خاص بتعليقات المستفيدين من شأنه أن يسهم في تطوير العديد من الأجهزة الحكوميّة؛ لأن متلقي الخدمة هو الوحيد القادر على تقييمها بناءً على تجربته الذاتيّة، وهي تجربة حقيقيّة يمكن أن يُقاس عليها في حال تكررت من مستفيدين آخرين، خصوصًا وأن رضا المستفيد بات أحد أبرز مؤشرات جودة أداء الجهات، وأحد المستهدفات التي تتضمنها برامج التحول الوطني كافة.
حسابات الأجهزة الحكوميّة ليست لنشر منجزاتها فحسب، بل وللاستجابة الفاعلة لملاحظات المستفيدين، وهذه الفكرة الجوهريّة تحتاج إلى أن يدركها جميع العاملين في مجالي الإعلام والعلاقات العامة لتحقيق الاستفادة المثلى من التواجد في الشبكات الاجتماعيّة وفي مقدمتها «تويتر» بوصفها أحد أبرز المنصات تفاعلاً في المملكة.
ومن الضروري كذلك التنبه إلى أن الحملات الإعلاميّة وحدها لن تكون كافية لتحسين الصورة الذهنية عن أي منشأة، بل إن أفضل طريقة لإحداث الأثر الإيجابي لدى المستفيدين هي الاستماع إليهم وتدوين ملاحظاتهم ودراستها والعمل بها إن كانت متوافقة مع التوجه العام ومنسجمة مع رؤية المملكة، حينها سيشعر المستفيد بأنه عنصر فاعل في التطوير والتحسين، وسيدرك بأن الخدمات تُقدم من أجله، وأنه هو محور الارتقاء بجودة الأداء.
المستفيدون عادة لا يطلبون سوى الإجابة عن سؤال، أو الإنصات لرأي وملاحظة، وهو من أبسط حقوقهم المشروعة التي ليس من المنطقي تجاهلها أو التأخر في الرد عليها، لذا فإن التوجه الحالي والسليم لأي قطاع إعلامي في جهاز حكومي هو جعل الجمهور محور الاهتمام عبر التفاعل معه بإيجابيّة والاستفادة من أفكاره بالطريقة المثلى.
ثمة هدف مشترك يربط الأجهزة الحكومية والمستفيدين وهو تطوير الأداء وتحسين جودة الخدمات، وفي ضوء ذلك الهدف بالإمكان صناعة شراكة متينة من شأنها أن تضاعف فرص التطوير متى ما أدركت الأذرع الإعلامية في الجهات الحكوميّة ذلك، ومتى ما عملت على تأسيس مراكز متخصصة تعنى بتحويل الملاحظات في شبكات التواصل الاجتماعي إلى ممكّنات ودعائم للارتقاء بمستوى خدماتها.