فهد بن جليد
النسخة السعودية من (اتفاقية تنظيم العلاقة الوالدية) التي تتيح للوالدين اتفاقاً ينظم العلاقة بينهما بعد الانفصال، بما يحفظ حقوق أولادهما لتجنب التقاضي أو التنازع مُستقبلاً بما يؤثر سلباً على حياة الأولاد، هي فكرة خلاَّقة تحسب لجمعية المودة للتنمية الأسرية، التي لم تنس أن تُشير إلى أنَّ الاتفاقية مُقتبسة من تجربة مُماثلة في إمارة الشارقة، تم تطويرها بما يتناسب مع ظروف المجتمع السعودي.
تجاوز صعوبات مرحلة الانفصال أمر في غاية الأهمية، وهي منطقة مظلمة في العلاقات الزوجية ومسكوت عنها، وعادة ما تكون أرضاً خصبة لاندلاع حرب (داحس والغبراء) بين الأب المُطلق أو الأم المطلقة، والتي يدفع ثمنها الأولاد عندما تتشتت الرؤية أمام الوالدين المُنفصلين، ويبدأ كل منهما إظهار مشاعر الكره في نفوس الأولاد ومُطالبتهم بالاصطفاف معه لتحميل الطرف الآخر الخطأ والمسؤولية في التقصير، ومُحاولة إثبات ذلك أمام المجتمع والمحيط والظهور بصورة الضحية، لذا كان لزاماً رسم المعالم الأساسية في التعامل مع الأطفال عقب الانفصال، ومعرفة واجب كل طرف والاتفاق على ذلك مُسبقاً بطريقة حضارية باحترام كل طرف لمكانة الآخر في حياة الطفل، ومعرفة الواجبات وتحديد المسؤوليات والالتزام بها، حتى لا يكون الولد كرة يتم ركله بين المُنفصلين واستخدامه كأداة ضغط.
مُجتمعاتنا العربية والخليجية تحديداً تُعاني من ذات الظروف المُتشابهة في آثار الخصومة بين الأزواج المُنفصلين، لذا يأتي اقتباس مثل هذه الأفكار وتطويرها -برأيي- كنوع من الابتكار المعرفي الذي يحسب لجميعه المودَّة، والتي أتمنى أن تكون هذه الاتفاقية طريق أولي وشرط تفرضه وزارة العدل على الأزواج بالانضمام إليها وتوثيقها قبل إصدار صك الطلاق من المحكمة، بحيث يتم تطوير الاتفاقية أكثر لتحوي على إبراء ذمَّة مالية وتسوية بين الطرفين للأمور المشتركة بينهما، واتفاق واضح لإنهاء المُتعلقات بوقوع الطلاق، ورسم طريقة التعامل المناسبة بينهما فيما يخص رعاية الأولاد ...إلخ، فنحن مازلنا ننظر لعقد الزواج بزاوية واحدة فقط، بينما هو من أقدس العقود التي شرعها الله وعرفتها البشرية، والأسرة أهم مؤسسة وشركة تُنشأ وتقام في المجتمع، وكما نهتم بالترتيبات التي تسبق إبرام هذا العقد والتوصل إليه من كافة الأطراف، علينا التوصل لخطوات تنظيمية مُشابهة تسبق فسخه أو وقوع الطلاق، كي لا تكون الخطوات التنظيمية لبناء الأسرة مُتعدِّدة، بينما هدمها بخطوة واحدة؟.
وعلى دروب الخير نلتقي.