د. خيرية السقاف
«سلامتك يا مصر»..
«سلامة» قطاراتك، وعرباتك، وطائراتك، وقواربك، وسفنك، ودراجات صغارك..
«سلامة» من مات بين القاطرتين، ومن احترق، ومن فُجع بهما، ومن جُرح، ومن شاهد، ومن عجز، ومن سمع..
السلامة لأرضك الندية، ولسمائك المشرقة، ولأرواحٍ زكية تدب أجسادها فوق ثراك ذي النسائم النيلية الاستثنائية..
والسلامة لفلّاحك، و»لعيشته الهنية»، ليبقى دائمًا «مرتاح البال»، والسلامة «لعاملك»، و»لعاطلك»، وللكادح في مناجمك، وللعالم في بوتقات العلم فيك، وللمعلم في مدارسك، وللفران على ثغور رغيفك يمد، و»للبنَّاء» بحنطة عروق قمحك يبني، و»العتَّال» لمنقضِّ جدُركِ يقيم، ولأستاذ الجامعة في ردهات نورك يشع، والإعلامي على منابر الصدق فيك يدلي..
والسلام لكل الطيبين أهلك، وللفذِة حضارتك، ولامتداد نيلك، وللشاهق تاريخك..
أنت يا مصر لثغة الود في أفواه الصغار حين ارتشفوا حليب العلم منك..
وأنت «دار الشمس» حين التاريخ من باطن آثارك أطل..
وأنتِ الصديقة حين نتلفت فنجد فيك الإخوة، والأخوات، والمعلمين، والمعلمات..
حين تبسط أنسجة الكمون فمن مدَّك، ممن روى، وأشعر، وقص، ونقد، وفكر، وأرخ، وترجم، وبحث..
خُطى في أسفار أيامنا كانت فوق ثراك، أو عن آثارك..
فرحكِ يطربنا، وحزنك يؤلمنا، وفقدك يحزننا، وفجيعتك تقلقنا..
فسلامة هذه الصورة المتحركة بيقظة الإحساس بك حين يلم بك لمم، تؤوب من الكمون للسطح أبجدية تنفرط حروفها حسابك..
فالسلام لمن سبق فيك، ولمن لحق، لمن مضى عنك، ولمن يمضي فيك يتنفس، ويمتد..
والسلام لمن شاركنا منك العمل، ولمن ساندنا الأمل، ولمن بقي بيننا، ولمن غادرنا إليك..
فرحم الله من مات في حادثتك المؤلمة، وعافى من جرح فيهم..
وأبدل الله ألمه شفاءً، وأنزل عليه دواءً..
ولمن فقد في بيوتك نعزي، ولمن يبكي نواسي، ولمن يتداوى نتمنى، ونشارك بالدعاء..
ليعوضك الله يا مصر خيرًا، وليحفظك، وأهلك من كل ضر، وشر..