فهد بن جليد
مُشاهدة لوحات (للتقبيل، للإيجار، للتجديد، لعدم التفرغ.. إلخ) لا تعني بالضرورة وجود ركود أو كساد اقتصادي يمر به العالم، فأنت ربما أمام موضة التقليد الأعمى التي اجتاحت حياتنا بشكل كبير جداً، وفي المقدمة تقليد المشاريع الناجحة دون دراسة مدى الاحتياج وإدراك عوامل النجاح وتحريها، وهذا إفلاس حقيقي يتسبب في إغلاق ما بين 30 -60% من المشاريع الجديدة بحسب دراسات متنوعة في الخليج ومصر وشمال إفريقيا، بل إنَّ 70 % من المشاريع النسائية لدينا تغلق وتفشل بسبب تشابهها وتقليد بعضها البعض في الخدمات، فلا يكفي أن يكون المشروع ناجحاً ومربحاً حتى تقوم بفتح مشروع مشابه له في مكان آخر، المسألة لم تأت مُصادفة، فهناك من فكر، وخطط، ودرس، مجموعة عوامل أوصلت صاحب المشروع للنتيجة التي تراها.
القضية تجاوزت التجارة وأصابت مفاصل حياتنا الأخرى في قضايا أكبر وأعمق، منها سلوكيات اجتماعية وحياتية يومية لتقليد كل شيء ناجح من حولنا دون وعي أو فهم لحقيقته وأسباب نجاحه، التقليد الأعمى لا يجلب النجاح دائماً بل قد يسبب الفشل لصاحبه حتى لو حاول تقليد عصامية الناجحين، أو انتهج عصامية التقليد في كل مرة لأنَّه لا يقوم على أساس منطقي صحيح وتفكير عقلاني، بقدر ما هو البحث عن أقصر الطرق للنجاح، وهذا ما جعل التشابه واضحًا في شكلهم الخارجي والمظهر فقط، بينما التفاصيل الداخلية للحياة مُختلفة، فمنهم من يُقاوم الصعوبات ويرضى بالحد الأدنى من الشبه، وهناك من يفشل سريعاً ويبحث عن ذاته بطريق آخر وتقليعة جديدة ليُحاول أن يشبهها في كل مرة ومُحاولة.
الفرق واضح بين التفاعل الطبيعي للأفراد والمجتمعات الذي يتمثل في صناعة القدوة، والتأثر أو التأثير بالمحيط، والاستفادة من تجارب الآخرين ومحاكاتها ونقلها بعد تطويرها ودمجها لتصبح مناسبة لنا، وبين التقليد الأعمى الذي أصاب حتى بعض الشركات وجهات الخدمات عند جلب الأفكار أو تقدم ذات الخدمات والبرامج، أو نقل المشاريع من الخارج وتطبيقها، لننتظر جميعاً نجاحاً وتميزاً مُرتقباً، بارتكاب خطأ الأفراد ذاته عندما غفلوا عن عوامل وأسباب النجاح الحقيقية ولم يتحرَّوها.
وعلى دروب الخير نلتقي.