مناسبة أخرى، ومناسبات العودة إلى محطات التاريخ كثيرة، فلم تتوقف مملكة الخير عن صياغته وتصحيح مساراته منذ زمن المغفور له -بإذن الله- الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود -طيب الله ثراه- وستبقى فاعلاً فيه إلى ما شاء الباري عز وجل.
مثل بصيص الضوء الذي شق طريقه ليبدد العتمة، أطلت القيادة السعودية وعلى رأسها المغفور له -بإذن الله- الملك فهد بن عبد العزيز قبل سبعة وعشرين عاماً، لتعلن موقفاً واضحاً لا لبس فيه، إلى جانب شعب شرده الاحتلال، ووطن استباحه الجار، وتجسد الأخوة في أسمى معانيها.
فتحت المملكة أبوابها ليجد الكويتيون فيها أمنهم وملاذهم من البطش والتنكيل الذي تعرضوا له في بلادهم على يد شقيق كانوا له العون والسند وقت الشدائد ولم يتوان عن الغدر بهم، في لحظة تحولت إلى واحدة من أكثر لحظات التاريخ العربي سواداً وإيلاماً.
جاءت الخطوة في اليوم الأول للغزو الغاشم لتكون إعلاناً عن الوقوف إلى جانب الحق الكويتي المتمثل بشرعية تمسك بها الكويتيون بمختلف توجهاتهم ومشاربهم الفكرية والسياسية.
تناسلت الخطوات المباركة بدءاً من اتصالات سياسية ودبلوماسية شملت مراكز التأثير وصنع القرار في مشارق الأرض ومغاربها لتحشيد العالم في مواجهة الظلم والعدوان الذي تعرض له الشعب الكويتي المسالم، ورص الصفوف إلى جانب قضيته العادلة، واكتملت بتشكيل التحالف الدولي الذي أخذ على عاتقه إعادة الحق لأصحابه.
وبقيت للمكان السعودي حظوته في ذاكرة الكويتيين الذين عايشوا الأزمة، حيث ارتبطت الطائف بإقامة قيادتهم الشرعية التي وجدت في المكان حاضنة لمخاطبة العالم وإقناعه بقضيتها العادلة، تحولت جدة بعد مؤتمرها الشهير إلى شاهد على توافق كل فئات الشعب الكويتي وتمسكها بقيادتها الشرعية، وعرفت الرياض بأنها المنصة السياسية الأولى في الدفاع عن حق الكويتيين في السيادة على بلدهم.
يتناقل الكويتيون تلك اللحظات العابرة للأزمنة لتبقى وقفات ومواقف المملكة العصية على الوصف دلالات على طيب معدن الشقيق الذي لا يترك فرصة للوقوف إلى جانب شقيقه.
حددت المملكة ملامح المستقبل الذي تريد، بقيت على انسجامها مع رؤى المؤسس وتفكير سلالته المباركة بإذن الباري -عز وجل- وهي تنتصر لقيم الحق والعدالة، وترفض البغي والعدوان، وكان في هذا الفعل ما يستحق وفاء الأجيال الكويتية، التي تحتفل بأعيادها الوطنية وهي تنظر بامتنان إلى أيادي الأشقاء البيضاء، راجية العلي القدير، أن يحفظ المملكة وقيادتها، ويبقيها ذخرًا وسندا للعرب والمسلمين.
** **
- فيصل الحمود المالك الصباح