سعد بن عبدالقادر القويعي
العلاقات بين دولة الصين من جهة، وبين السعودية من جهة أخرى، بدأت تتجه نحو المزيد من التعاون - السياسي والاقتصادي -، وتقوية الصلات؛ لترسم مسارا جديدا في العلاقات بين الدولتين، وبما يتوافق مع المتغيرات الدولية، وتجاوزها إلى ما هو أعمق بكثير؛ وصولا إلى تحقيق الأهداف، والمصالح الوطنية العليا للدولتين، واستغلال دور الدبلوماسية في نسج المزيد من العلاقات الإنسانية مع الدول، والشعوب، وهو ما اعتبره ولي العهد السعودي - الأمير - محمد بن سلمان، أن: « توجهات الصين الاستراتيجية، تتلاقى بشكل كبير جدا مع رؤية المملكة 2030»، مؤكدا: «الحرص على تحقيق كل المكاسب، ومجابهة كل التحديات التي تواجه البلدين».
في التاريخ الحديث، فإن الرسالة السياسية الواضحة، تأتي - هذه المرة - من التفكير السعودي العميق في موقعها العالمي، والمتزامن مع الانسحاب الأمريكي، والمتزايد من مسرح السياسة الدولية، واتجاهها نحو الانغلاق على الذات - أكثر فأكثر -، والذي سيضمن لها مستقبلها - الاقتصادي والسياسي والعسكري -، وذلك في ظل صعود الصين، وتحولها إلى قوة عالمية، قادرة على لعب أدوار مهمة؛ ولتلعب دور الموازن بين القوى المختلفة؛ لأهداف تتعلق بالأمن القومي المتعلق بها بشكل خاص، والأمن - الإقليمي والعربي - بشكل عام.
في وقت يشهد فيه العالم حراكا سياسيا على مستوى التحالفات الاقتصادية قبل غيرها، فإن صانع القرار السعودي الحكيم أدرك بحسه السليم، ورؤيته السديدة، أن البحث عن المزيد من الحلفاء الأقوياء في العالم ، - خصوصا - مع تراجع هيمنة القطب الواحد، وظهور قوى دولية جديدة، باتت تمارس أدوارا استراتيجية عالمية، تناسب قوتها - الإقليمية والدولية -، هو الخيار الصحيح، كمنطلق للدخول نحو النظام العالمي الجديد.
الاقتراب من الصديق الصيني، والعمل على تنويع الشراكة في عالم غير مستقر، والسعي إلى تحقيق مصالح الطرفين، والمتمثلة في التكامل الاقتصادي، والتنمية المشتركة، والاتفاق على وضع خطة؛ لإدراج اللغة الصينية كمقرر دراسي على جميع المراحل التعليمية في المدارس، والجامعات السعودية، سيكون مؤشرا على التحولات الاستراتيجية - على جميع الأصعدة -، فالسياسة ليست سوى تجسيد مكثف للاقتصاد، والعالم يمر بمرحلة تغييرات هائلة، - وبالتالي - لا بد لذلك الواقع الاقتصادي من واقع سياسي يتبعه، ويتماشى مع معطياته.