فهد بن جليد
لم يعد الخوف من العقاب هو أساس التربية والتنشئة الصحيحة، وإن لم يكن كذلك على إطلاقه في الأصل ولكنَّه ظلَّ الأسلوب الأشهر تربوياً عند الوالدين وفي المدرسة في كل المجتمعات العربية تقريباً، عقود طويلة والعقاب هو سيد الموقف في مدارسنا وبيوتنا حتى يتعلم الولد الآداب والأخلاق والتربية الحسنة التي يريدها والداه، ويستقيم في كل أمور حياته، وتتكون شخصيته، لن يستطيع أحد إنكار أنَّ العصى كانت المعلم الأول فيما مضى، ولكنَّ أساليب التربية الحديثة نحَّتها جانباً وبدأت تتحدث اليوم عن الحرمان كبديل للعقاب، الطريقة ستبقى مقبولة إذا ما تم تحقيق الهدف والنتيجة ؟ فهل تربية أولادنا تتم اليوم بشكل صحيح؟ أم أنَّ خوفهم من العقاب أو الحرمان جعلهم يبدو كذلك في نظرنا وأمامنا؟.
السلوكيات غير المنضبطة والخاطئة التي نراها عند السفر ضمن مُشاهداتنا في الخارج من تصرف بعض الشباب تعيدنا للمربع الأول، أي أنَّ تربية هؤلاء لم تكن صحيحة في الأصل لأنَّهم كانوا يخشون (العقاب أو الحرمان) فقط، ولم تكن لديهم قناعة كاملة بضرورة التشبث بتلك الأخلاق والآداب التي يجب أن يحملوها ويتحلوا بها في كل وقت وتحت أي ظرف كسلوك وثقافة وخلق وقبل ذلك دين بالطبع، ما يعني أنَّ القناعة والحوار هي الأساس الذي يجب أن نعمل عليه في تربية الأجيال، وله أصل في التربية الإسلامية بالإقناع والعقل كأسلوب أكدته السنة النبوية بحديث وتربية الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه، والشواهد كثيرة، كما أنَّ النتائج كانت واضحة بتمسك الفرسان بأخلاقهم في الحروب وفي مختلف ظروف وتقلبات الحياة الصعبة.
العملية تبدو سهلة في صورتها الخارجية وقريبة المنال، ولكنَّها أصعب بمراحل من مجرد التربية بالعقاب أو الحرمان التي تعودنا عليها، هنا نحتاج لصبر ومثابرة وتعوُّد وقناعة في الأساس للحصول على نتائج مذهلة بولادة جيل نموذجي في وعيه وفكره وإدراكه، فالصورة التي نرجوها ونأملها لشبابنا وفتياتنا في كل أحوالهم طريقها الحوار والإقناع والاقتناع لا الخوف من العقاب أو خشية الحرمان التي تخرج عادة شخصيتين مُتضادتين.
وعلى دروب الخير نلتقي.