شاهين عبداللاييف
تحيى أذربيجان في السادس والعشرين من شهر فبراير كل عام، ذكرى مأساة مدينة خوجالي إحدى أبشع المآسي التي مرت بها أذربيجان في تاريخها خلال القرن العشرين والتي راح ضحيتها وشرّد بسببها الكثير والكثير من الشعب الأذربيحاني. وتعد مذبحة خوجالي مذبحة ارتكبت ضد الإنسانية جمعاء، وليس ضد الشعب الأذربيجاني فقط، وكان الأرمن هم من ارتكبوا هذه المأساة، التي راح ضحيتها مئات المدنيين، بينهم أطفال ونساء.
تقع مدينة خوجالي وسط منطقة قراباغ الجبلية الأذربيجانية، وتعد ثاني أكبر المناطق السكنية للأذربيجانيين بعد مدينة شوشا في تلك المنطقة، فقد كان يعيش بها سبعة آلاف نسمة، ولها موقع إستراتيجي مهم في هذه المنطقة. وهي على بعد عشرة كيلومترات من مدينة خانكندلي عاصمة إقليم قراباغ الجبلية، كما يوجد بها المطار الوحيد بالمنطقة.
لقد سعت أرمينيا منذ أن استقلت جمهورية أذربيجان عن الاتحاد السوفيتي في عام 1991م في تكثيف سياستها المعادية لأذربيجان، وقامت قبل ذلك بطرد 200 ألف أذربيجاني من أرمينيا عام 1988م. واندلعت المعارك بين أذربيجان وأرمينيا في منطقة قراباغ الجبلية في بداية التسعينات وانتهت باحتلال أرمينيا لما يقرب من عشرين بالمائة من الأراضي الأذربيجانية. واضطر أكثر من مليون مدني للهروب أو الهجرة إلى المناطق الداخلية في أذربيجان. وأدت هذه السياسة التي تنتهجها أرمينيا إلى تدمير مئات القرى الأذربيجانية، وإراقة دماء عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء، وطرد وتشريد آلاف المئات من المدنيين العزل، ولكن على الرغم من هذا كله تعد مأساة خوجالي هي الأكثر حدة وبشاعة في تاريخ هذه الأحداث.
لقد قامت القوات المسلحة الأرمنية بمذبحة في مدينة خوجالي، ليلة السادس والعشرين من فبراير عام 1992م. وحسب الأرقام الرسمية راح ضحية هذه المذبحة 613 مدنياً من الأذربيجانيين الأبرياء، من بينهم 106 امرأة، 63 طفلاً، و70 مسناً، وأصبح 487 شخصاً من السكان المسالمين معوقين بعد إصابتهم بالرصاص وأخذ 1275 شخصاً رهائن، منهم 150 شخصًا لا يُعرف مصيرهم حتى الآن. وفي هذه المذبحة تم القضاء على ثماني أسر بالكامل، وفقد 25 طفلاً والديهم، وفقد 130 طفلاً أحد والديهم، وقُتل فيها مدنيون أذربيجانيون أبرياء بوحشية غير مسبوقة وتعرض الأسرى والرهائن للتعذيب الشديد. وقد تم انتهاك فيها الحقوق الأساسية للأذربيجانيين بشكل جماعي وصارخ، وعلى رأسها حق الحياة وهو حق أساسي.
وتعتبر الجريمة التي ارتكبتها القوات المسلحة الأرمينية في مدينة خوجالي الأذربيجانية بدعم ومساعدة الفوج 366 مشاة التابع للجيش السوفيتي السابق والمتمركز بمدينة خانكاندي من الأحداث التي لا مثيل لها بسبب نتائجها الرهيبة سواء في تاريخ الحرب القراباغية أو في تاريخ الحروب العالمية.
ويدعم القرار الذي أصدره البرلمان الأوروبي في الثالث والعشرين من أكتوبر 2013 م بشأن منطقة قراباغ الجبلية الموقف الأذربيجاني العادل ويعترف بواقع الاحتلال. وأكد القرار المتخذ من قبل البرلمان الأوروبي، لأول مرة على ضرورة حل نزاع قراباغ الجبلية وفقاً للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي وطالب بسحب القوى المحتلة دون قيد أو شرط سحباً كاملاً على الفور من أراضي أذربيجان المحتلة. للأسف لم يتخذ أي إجراء بهذا الشأن، وأن النزاع ما زال عالقاً بسبب الموقف غير البناء لأرمينيا التي لا تولي أهمية للقرارات الدولية بالذات.
وجدير بالذكر بأن منظمة التعاون الإسلامي أول منظمة دولية اعترفت بأرمينيا كدولة معتدية، ومأساة خوجالي كإبادة جماعية. وتهدف حملة «العدالة نحو خوجالي» التي ينفذها منتدى شباب منظمة التعاون الإسلامي في أكثر من 40 دولة إلى إطلاع المجتمع الدولي على حقائق مأساة خوجالي.
إننا نعلن مرة أخرى أن مأساة خوجالي هي إبادة جماعية بموجب القانون الدولي. ويجب على أرمينيا تنفيذ بنود القرارات الدولية التي تم تبنيها بشأن النزاع، ولا بد من استعادة وحدة أراضي أذربيجان، وتحرير الأسرى والرهائن الأذربيجانيين واستعادة حقوق اللاجئين والمشرّدين المنتهكة وعودتهم إلى ديارهم الأم.
- سفير جمهورية أذربيجان لدى المملكة العربية السعودية