عروبة المنيف
إن تقلُّد الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان منصب سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة برتبة وزير، هي ليست خطوة رائدة أو إنجازاً يحسب للمملكة في محاولاتها لتمكين المرأة في المجتمع فحسب، بل هي ارتقاءٌ أيضاً في الحس الإداري من خلال اختيار الأكفأ، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب سواءً كان رجلاً أو امرأة.
إن القرار التاريخي بتعيين الأميرة ريما سفيرة وفي أقوى دولة بالعالم قد أصاب عصفورين بحجر، أولها، الخطوة التحفيزية في مجال تمكين المرأة بفتح المجال لها بأن تتقلد مناصب رفيعة وبأعلى مركز في السلك الدبلوماسي، وثانيها، سلك منهج الكفاءة في التعيين في المناصب العليا بغض النظر عن الجنس (ذكر أو أنثى).
إنه قرار يحسب للقيادة في المملكة ويفتح الباب إلى مزيد من التمكين للنساء في المناصب القيادية. فالأميرة الشابة لديها من التأهيل العالي لشغل المنصب ما يجعلها تستحقه وبجدارة، فهي قد ترعرعت في بيت دبلوماسي، أبوها قبلها كان قد شغل ذات المنصب وفي ذات السفارة، وخالها المرحوم سعود الفيصل المحنك السياسي الذي أمضى حياته في دهاليز السياسة.
إنها ابنة واشنطن، ولدت وترعرعت وتعلمت هناك وعاشت في منزل ينبض بالحنكة الدبلوماسية. وعلى الرغم من كل ذلك إلا أنه لا يكفي لتقلدها المنصب ونيلها الثقة الملكية، حيث يضاف لذلك كفاءتها في العمل الذي برهنت عليه من خلال شغلها منصب وكيلة رئيس الهيئة العامة للرياضة. ذلك المنصب الذي شغلته إلى حين تعيينها كأول سفيرة سعودية. ولا نستطيع أن نتجاهل شخصيتها الجذابة، فهي متحدثة جيدة، لبقة، مثقفة ودبلوماسية، وقد حازت كلمتها في منتدى دافوس الإعجاب بشكل منقطع النظير عندما قالت «نحن لا نعمل لأي شخص خارج بلادنا.. نحن نعمل من أجل هذا الوطن»، تلك العبارة تحكي الكثير من القيم، قيمة حب الوطن والارتباط به والإخلاص له، وهذا ما ينبغي أن يتحلى به كل من يحظى بشرف خدمة وطنه. إن الثقة الملكية التي حصلت عليها الأميرة ريما هي ثقة عالية جداً، فهي ليست أول سفيرة سعودية فحسب بل هي سفيرة للمملكة في أعظم دولة في العالم، «على الأخص في حجم التأثير»، وفي مرحلة بالغة الحساسية تمر بها المملكة لإثبات نفسها كقوة إقليمية ودولية، سواء في علاقتها بالولايات المتحدة التي تعتبر علاقة تاريخية بمصالح راسخة، أو من خلال علاقتها بالعالم، بالنهج الذي تتبعه لترسيخ مكانتها في هذا العالم سواء على المستوى المحلي أو العالمي.
تلك هي المرأة السعودية، صبرت فنالت، تعلمت فأنجزت، جاهدت فترقت، أبدعت فاستحقت. إن الثقة الملكية التي منحت للأميرة هي بوابة دخول للمرأة السعودية في سعيها لتحقيق مراتب ومناصب قيادية أعلى، وبزخم أكبر، إنها مربية الأجيال وقائدتهم، فالجنس الذكوري لم يعد معياراً للكفاءة، فلقد منحن النساء الفرصة لإثبات جدارتهن فكن أهلاً لها. فهنيئاً للأميرة السفيرة والعقبى للوزيرة.