سمر المقرن
من أهم أساسيات رؤية 2030 التركيز الاقتصادي على مرحلة ما بعد النفط، وبدء العمل على أهم مقومات نجاح هذا الهدف في فتح الأبواب للسياحة في السعودية لأكثر من مواطني 70 دولة، بعد أن كانت السياحة الدينية هي الأساس، صار اليوم لدينا تنوع سياحي كبير واستغلال المناطق التراثية مع ترتيب البنية التحتية لاستقبال السياح.
فكرة تنوع مصادر الاقتصاد السياحي فكرة جبارة، وكانت منذ وقت طويل بحاجة لجرأة وعزيمة وقرار، وها هي اليوم توفرت لتكون لدينا مصادر آمنة لمستقبل لا يتوقف مع توقف النفط.
اليوم التفكير السياحي لم يعد عشوائياً، بل هو تفكير منظم ومباشر وخطط تعمل على التطوير والجذب والإبداع وإنعاش المناطق التراثية المعطلة سابقاً، لتكون المناطق السياحية لدينا وجهة عالمية لمدن ومناطق ثرية بالحضارة والتاريخ، قادرة على جذب عشاق هذه المناطق.
السائح الأجنبي هو من أهم الشخصيات التي تحتاجها هذه المناطق، وهو أيضاً سوف يجد احتياجاته التي يبحث عنها «سياحياً» في مناطقنا ومتاحفنا وحضارتنا التي سوف تُقدم السعودية بصورة مختلفة للذهن الغربي، ومنحه الفرصة في الحصول على ثقافتنا العريقة من وجهات متعددة، كما أنها بوابة لتغيير الفكر النمطي الغربي عن ثقافتنا وحضارتنا، إذ ما زال هناك من يعتقد في تلك الدول أننا نعيش في خيمة ونركب الجمال، هذه الصورة النمطية السلبية عن الخيمة والجمل سوف تتغير تلقائياً عندما يدخل السائح الأجنبي ويعيش الثقافة السعودية بين الماضي والحاضر، وسوف يتمسك بها ويحبها بلا أدنى شك.
من أهم مقومات تهيئة البنية التحتية لفتح أبواب السياحة السعودية للعالم، هو الإنسان السعودي الذي يحتك بشكل مباشر مع السائح، من بداية صعوده إلى الطائرة وحتى يغادر البلد، من المهم جداً العمل على تغيير الأفكار وتعديل -بعض- السلوكيات السلبية التي قد تواجه السائح الغربي، ولعلي هنا أستدل بمشهد فيديو سلبي جداً انتشر هذه الأيام على مواقع التواصل الاجتماعي لشاب سعودي يقل في سيارته شابين أوروبيين ويتحدث عنهما بأسلوب مقزز معتقداً أنهما لن يفهما كلامه، هذه المشهد السلبي جداً قد يؤثر بشكل غير جيد على صورتنا، فهذا المشهد قد يصل للشابين وقد تتم ترجمته، وحتى لو لم يصل لهما، فالشاب الذي يعيش أو يعمل في منطقة سياحية مهم جداً أن يتحلى باللباقة والأدب مع أي سائح مهما كان شكله أو دينه أو جنسه، لذا فإن فتح هذه الأماكن وفتح التأشيرات السياحية بحاجة إلى تهيئة الأشخاص مهما صغرت وظائفهم للتعامل اللبق مع زوار البلد، وأن يفهم هؤلاء وإن كانوا بسطاء بأن السائح هو باب رزق له، وأن إرضاءه والتأدب معه يعني أن هذا الشخص سوف يقوم بالتسويق لمنتجنا السياحي.
في الحقيقة لم أكن أتمنى رؤية مثل هذا المشهد، وأعتقد من الضروري عدم ترك الأشخاص الذين يحتكون بشكل مباشر بالسياح دون تأهيل، أيضا المناطق الخاصة بالسياحة مهم جداً تهيئة أهلها وتذكيرهم دوماً من خلال حملات إعلامية على ضرورة احترام السائح.