عبدالوهاب الفايز
في جلسة حوار، رتبها الثلاثاء الماضي مجلس الشورى، وحضرها 92 من نخبة شباب الأعمال في مناطق المملكة، دار حوار موسَّع وصريح بين الأعضاء والشباب، تناول الجوانب التشريعية والرقابية التي يتأثر بها شريحة واسعة من رواد الأعمال الذين دخلوا ميدان التجارة، وهناك من تميز وشق طريقه، وهناك من بقي يتعثر، ويا ليتهم يتعثرون من أمور يصعب السيطرة عليها وخارج نطاق قدرتنا. المؤسف أن هؤلاء يتعثرون بسبب آليات عمل الأجهزة الحكومية، وعدم تفاعلها وتفهمها لمشاكل شباب الأعمال.
من هذا السياق نرى أهمية دعوة مجلس الشورى للشباب من جميع مناطق المملكة لمعرفة التحديات التي يعانون منها. والمجلس لديه الرغبة والقدرة لإحداث التغيير والتطوير المطلوب؛ فالمجلس بحكم اختصاصه في التشريع يستطيع تغيير الأنظمة أو تعديلها إذا رأى مصلحة عليا. أيضًا بحكم اختصاصه في الرقابة على أداء الحكومة يستطيع تحديد المشاكل، والتنبيه عليها عبر رفعها لمجلس الوزراء. والآن مع تطور روح الانسجام في العمل الحكومي نتوقع أن يجد شباب الأعمال من يقف معهم حتى تنجح مشروعاتهم، ويكون خيرها لهم ولبلادهم.
نقول إن مشاكل الشباب التي تحدثوا عنها بصراحة وشفافية وشجاعة أدبية تجعلنا أولاً نعتز بالمنجز الذي حققته وما زالت تحققه بلادنا في مشروع بناء المواطن، وتمكينه من العلم والعمل والتجارة؛ فالشباب تحدثوا بروح المسؤولية وواجب المواطنة خوفًا على مستقبل بلادهم، ولأنهم يعرفون أن الإمكانات العظيمة في بلادنا قادرة على أن تضعهم في طريق النجاح والتفوق. المهم أن نتحاور ونناقش بهدوء.. ونحدد المشاكل بدقة، ونطرح الآراء بعيدًا عن الأهواء.
من الاستماع للحوار خرجت بقائمة مختصرة لأبرز المشاكل والتحديات التي يرى شباب الأعمال ضرورة مساهمة مجلس الشورى للتغلب عليها عبر لجانه المتخصصة.
أولاً: يرى الشباب أن نظام المشتريات الحكومية يحتاج إلى إعادة النظر لتعديله؛ لكي يعالج إشكالية عقود الشراء المباشر؛ فالحد المقرر قليل (أقل من مليون)، مع إعطاء الأفضلية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في العقود الصغيرة، وهذا بيد الحكومة، ويمكن علاجه عبر مشروع المحتوى المحلي الذي يستهدف رفع القيمة المضافة للإنفاق الحكومي.
أيضًا طرح الشباب مشكلة تأخُّر بعض الأجهزة الحكومية في دفع المستحقات المالية، وهذا بالنسبة للمنشآت الصغيرة مشكلة حقيقية؛ إذ لا تستطيع الحصول على التسهيلات البنكية لتسيير أعمالها، واستمرار التأخر في صرف المستحقات يعني خروجها وانهيارها. هذه مشكلة بيد الحكومة حلها.
أيضًا تحدث الشباب عن ضرورة تسهيل الإجراءات الحكومية، سواء في التأسيس للمشروعات الصغيرة الجديدة أو للقائمة. الذي لاحظوه أن تطور الخدمات الرقمية في بعض الأجهزة الحكومية هو (تطور في الواجهات)، أي انحصر التطور في إيجاد بوابات لاستقبال الطلبات فقط، ثم تستمر سلسلة المعاناة القديمة، أي على صاحب الطلب الاستمرار في تقديم المستندات كما هو الحال في السابق. وحتى البوابات التي وُجدت مؤخرًا، مثل (مراس)، لم تعمل بالشكل الذي كانوا يتطلعون إليه. أيضًا الخدمات الرقمية الحكومية بيد الحكومة إصلاحها وتطويرها.
كذلك تحدثوا عن مشكلة بعض القرارات المفاجئة في فرض الرسوم، أو في تكلفة الخدمات الحكومية. وهذه مشكلة حقيقية للمنشآت الوليدة؛ لأن عمر المشاريع القصيرة لا يعطيها الفرصة لكي تستوعب المتغيرات السريعة في البيئة التشريعية؛ فالنموذج التجاري وخطة العمل التجاري وسياسة القوى العاملة تختل، ولن تستطيع تحقيق الأهداف الموضوعة؛ فهي ليست كحال المنشآت الكبيرة التي تعلمت من تجارب الزمن كيف تتكيف بسرعة مع المتغيرات السياسية والاقتصادية. وحل هذه المشكلة بيد الحكومة.
أيضًا طرحوا تبعات قرار استرداد الرسوم الذي حصر المدة بما قبل 2016، وفي تصورهم أن هذا لا يخدم الوضع الحرج للمنشآت التي قامت قبل هذه المدة، واستطاعت التأسيس والانطلاق؛ فهذه عليها تبعات تمويل وتكاليف تشغيل جارية. كذلك تحدثوا عن جانب لم نكن نتوقعه، هو ارتفاع تكاليف التمويل المقدم من بعض الصناديق؛ فالتكلفة تتجاوز 11 %، وهذه نسبة فائدة مرتفعة. وارتفاع تكلفة التشغيل بعد إدخال الرسوم الجديدة مع هذه الفائدة يحمل مخاطر عالية على المنشآت الصغيرة، ولن نستغرب انهيار بعضها، وتحوُّل مُلاكها والعاملين فيها إلى أرقام جديدة، تضاف إلى طابور البطالة. الحكومة بيدها تدارك هذه المخاطر.
كما تلاحظون، هذه المشاكل بيد الحكومة إصلاحها، ونخشى أن تذهب المشاكل والتحديات بالمكاسب التي حققها شباب الأعمال، وننتظر ما لدى «الشورى» لكي يقدمه للشباب.