أمل بنت فهد
حين يتنازع الشركاء فإن جمع الحلفاء خطوة ذكية، ولكن حين يكون الشركاء أسرة واحدة، فإن الحلفاء هم الأبناء، وهم حلفاء في موقع حساس جداً، ولهم وضعهم الخاص، لذا فإن استخدامهم غالباً يؤدي لكوارث يحصد دمارها وخسائرها الوالدين.
فما الذي يحدث حين يجنح أحد الوالدين، أو كلاهما إلى تشويه صورة الشريك في ذهن أبنائه لغرض كسبهم، وبدواعي الحب أو الانتقام؟
حين تفعل ذلك فإنك حرفياً تدمر ابنك أو ابنتك، لأن الطفل يرى في والديه عموماً مثلاً أعلى، ويؤمن أن لهم قداسة لا يمكن أن تشوبها شائبة، وذلك ضروري جداً لنموه بشكل آمن، وضروري لنضجه، فإذا عمدت لشيطنة أو تشويه هذا الرمز، فإنك تسبب له إرباكاً وتشويشاً في شخصيته، ولسوف تتورط مستقبلاً بشخصية غير سوية، لأنك شوهت رمز الحب في حياته، ورمز الصدق، ورمز القوة، والحماية، ورمز كل شيء جميل ومهم في حياته.
لا بد أن يعرف ويفهم كل من الأب والأم، أن رسم حدود العلاقات مهم جداً لصحة الأبناء، بمعنى أن يوضح بشكل لا يقبل أي ذرة شك، أن علاقة الأب والأم علاقة شركاء تختلف كلياً عن قداسة العلاقة بين الآباء والأبناء، وبين الأمهات والأبناء، إذ يمكن للزوجين أن يتشاجروا، ويحدث بينهم ما يحدث، ولا علاقة لهم بذلك، تبقى مكانة الوالدين عالية، ورفيعة، لا يضرها ما حدث بينهم.
إذا كنت تريد أبناء أسوياء، يستوعبون ما يحدث بين الكبار، دون أن يتأثروا، أو تطالهم شظايا حروبكم، ومعارككم.
لا تغامر بتشويه صورة أمهم، ولا تغامري بتشويه صورة أبيهم، لأن الخسارة حينها ستكون فادحة، هم من سيتأثر، وليس أنت أو أنتِ، ولن تكسب أكثر من أبناء مدمرين، وممزقين من الداخل، وغالباً سيكبرون بألف عقدة عن الأسرة، ولسوف تطالهم تبعات كلام غير مسؤول قيل عن أمهم أو عن أبيهم.
فأنت مصدر الحقيقة في طفولتهم، وكذلك أمهم مصدرها، فلا تكن أنت من يهشم ثقتهم بالأمومة، ولا تكوني أنتِ من يهشم الأبوة في حياتهم.
تقاتلوا، إن لم تستطيعوا أن تنهوا خلافاتكم بتحضر، لكن بعيداً جداً عن الأبناء، لا تستخدموهم دروعًا بشرية في سبيل اللا شيء.