فوزية الجار الله
ثمة حكايات لا تعد ولا تحصى عن فضائل الأمهات ودفء أرواحهن، ما بين الصدق والتضحية والتفاني، حتى أصبحت هذه الحكايات أمرًا بديهياً يكاد لا يثير أحداً لمتابعته فهو قديم قدم الإنسان ذاته على وجه هذه الأرض وفي هذا السياق يبدو صادماً ومؤلماً جداً أن يتناهى إلى سمعك حكاية غريبة يصعب تصديقها أو استيعابها!
آمل لا تكون تلك الحكايات ظاهرة عامة طبيعية في وطننا العربي وعلى وجه الخصوص آمل أن تكون أكثر غرائبية وندرة في مجتمعنا المحلي..
استمعت مؤخراً إلى حكايتين واقعيتين مصدر إحداهما أسرة عربية مقيمة في إحدى دول الخليج والأخرى من بلادنا للأسف، الحكايتان حدثتا مؤخراً وبينهما فترة وجيزة، الأولى قضت عشرين عاماً مع زوجها وحين كبر الأبناء الأربعة وأصبحوا في سن المراهقة وتوجه بعضهم إلى الجامعة بدأت المرأة بالتململ والشكوى وبالتالي طلبت الطلاق لتغادر بيتها وتترك الأبناء والبنات لدى أبيهم ليتصرف كيف يشاء فهي لم تعد تطيق الحياة معه.
الثانية: قضت عشر سنوات كان ثمرتها أربعة من الأبناء أيضاً «أبناء وبنات إضافة إلى طفل رضيع لم يتجاوز العامين» الثانية أيضاً، أصابها الملل والتعب، لم تعد تطيق الحياة مع هذا الزوج وقد ألحت عليه بطلب الطلاق، ومن ثم انطلقت إلى بيت ذويها هكذا بمنتهى اللا مبالاة وعلى الأب التصرف بأولئك الأبناء فهي لم تعد مسؤولة عنهم.. أما والداها «جدا الأطفال» فقد رفضا استقبالها في بيتهما ولا يريان أنهما مسؤولان، تماماً كما ابنتهما سالفة الذكر.. يا للكارثة!
من حق كل امرأة أن تحيا حياة جميلة، هادئة، من حقها السعي لتحقيق طموحاتها وأحلامها، من حقها أيضاً طلب الانفصال عن زوجها لأسباب ملحة حاسمة، حين تستحيل الحياة معه، بشرط ألا يدفع الأبناء ثمن هذا الانفصال!! فالأبناء والبنات بحاجة إلى أمهم وأبيهم في كافة مراحل حياتهم، حتى يتجاوزوا سن المراهقة كحد أدنى، لكن إن حدث أبغض الحلال فليكن ذلك بصورة هادئة تضمن لهم حياة مستقرة مع أحد الأبوين، لكن حين يكون هناك رضيع فمن المفترض أن يكون نداء الأمومة هو الأكثر هيمنة وسيادة، الأمر الطبيعي أن تحتضن الأم رضيعها دون توصية من أحد أما أن تتركه هكذا فذلك أمر مفجع حقيقة لا يكاد يصدق، إذا كان الإنسان الغريب يشعر بالرأفة والتعاطف تجاهه فما بالنا بمن ضمته في أحشائها زمناً ثم قدمته إلى هذا العالم بعد مراحل من المعاناة والتعب! كيف لها أن ترمي به؟ هذه القضية تثير الكثير من التساؤلات المحيرة..
على سبيل المثال هل تعني تربية الأم لأبنائها واحتوائها لهم أنها لن تستطيع الاهتمام بنفسها قليلاً وأنها سوف تصبح أشبه بالخادمة التي تعطي بلا مقابل؟!.. للحديث بقية..