رجاء العتيبي
منذ أن اختاره جواهر لال نهرو رئيس الوزراء الهندي ليشغل كلية الدراما الوطنية بالهند في الستينيات الميلادية، بدأ إبراهيم القاضي حكاية من حكايا الهند العجيبة، حكاية رجل سعودي ينهض بالمسرح الهندي، هذا أمر مثير ومدهش، لم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل لقب بـ(أبو المسرح الهندي)، ونال الكثير من الجوائز وأحدث نقلة نوعية في الدراما الهندية، وأكمل مسيرته طلابه الذين باتوا - لاحقا - أبطالا مسرحيين وسينمائيين.
جواهر لال نهرو يختار شخصية سعودية عرف بثاقب بصيرته أن سيكون لها شأن، أعطاه كل ما يمكن أن يعمله في مجال الفن والدراما والمسرح، وانتهى به المقام لأن يكون القاضي علما يشار له بالبنان ويصل تأثيره إلى نطاق واسع في الهند، هكذا يكون تقدير المبدعين بدون النظر في الجنسية أو العرق أو الدين، ذلك أن الفن غير قابل للاحتكار وغير قابل للتمييز العنصري وهو أقدر على توحيد العالم والمناطق والأقاليم.
ماذا لو كانت جهود إبراهيم القاضي في السعودية، بدءا من الستينيات الميلادية؟ أظن الأمور ستكون بخلاف ما هي عليه الآن، دعونا من (لو) الافتراضية، ولكن الذي نعلمه أن البيئة هي التي تخلق المبدعين، والاستجابات التي تكون في محلها تجعل الحالة أكثر إبداعا وتألقا ومنافسة، ربما نقف عند هذه الجملة، ونعود أدراجنا لواقعنا الفني والمسرحي والدرامي ننظر إليه وفي قلبنا شيء من حتى، ولكن عزاءنا أن الأمور اليوم في طريقها للتحسن.
تخيلوا 94 سنة لا نعلم عن هذا الرجل شيئا سوى معلومات قليلة تظهر هنا وهناك في بعض المناسبات أهمها تكريمه في مهرجان أفلام السعودية بالدمام 2015م، حتى ظهر قبل أيام بجوار سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله آل فرحان على هامش زيارة سمو ولي العهد للهند، ظهر الأمير بدر بجواره في صورة نقلتها وسائل الإعلام أثناء تكريم السعودية له عرفانا بجهوده في مجال المسرح.
ظهر القاضي على كرسي متحرك، بدا لنا منهكا إثر الكبر والمرض، فرحنا به ونحن نشاهده حيا يرزق يحدثنا ونحدثه ويتقبل تهانينا وعرفاننا بجميله، وفي مبادرة رائعة يحول سمو وزير الثقافة كرسي المرض هذا، إلى كرسي أكاديمي لتعزيز المشهد الثقافي السعودي محلياً ودولياً، وسط آمال عراض بأن هذا الوزير الشاب قادر على النهوض بحراكنا الثقافي بهدوء وروية وبشكل نوعي والقادم أجمل بمشيئة الله، في ظل رؤية السعودية 2030م.