«الجزيرة» - واس:
تحتفي دولة الكويت الشقيقة اليوم بالذكرى الثامنة والخمسين لاستقلالها، والذكرى الثامنة والعشرين على التحرير. ومرت الكويت منذ إعلان الاستقلال حتى الآن بمراحل تطوُّر وتنمية هائلة، سعت من خلالها إلى تحقيق أعلى المراكز بين صفوف الدول المتقدمة، وانتهجت خططًا تنموية طموحة من أجل استكمال مسيرة بناء الدولة الحديثة على الأصعدة كافة.
وتمتاز العلاقات السعودية - الكويتية بخصوصية، تمكنت من إحداث نقلة نوعية في مسيرتها، شملت التعاون في جميع المجالات، وكان إحدى ثماره قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ذلك المجلس الذي حقق للخليجيين في إطار العمل الخليجي المشترك على مدار مسيرته المباركة الكثير من الإنجازات نحو مستقبل مشرق، تتحقق فيه آمال وطموحات أبناء الخليج بصورة عامة؛ فالعلاقات السعودية - الكويتية تزخر بصفحات من البطولة والمواقف المشرفة، وتأتي بفضل الله، ثم بفضل قيادتَي البلدين؛ فهما ماضيان في طريقهما بخطوات واثقة، ونظرة ثاقبة نحو مستقبل زاهر، يحقق الأمن والرخاء للبلدين والشعبين الشقيقين.
ويعود عمق العلاقة بين البلدين إلى عام 1891م، حينما حل الإمام عبدالرحمن الفيصل آل سعود ونجله الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمهما الله- ضيفَيْن على الكويت قبيل استعادة الملك عبدالعزيز الرياض عام 1902م متجاوزة في مفاهيمها أبعاد العلاقات الدولية بين جارتين، جمعتهما جغرافية المكان إلى مفهوم الأخوة، وأواصر القربى، والمصير المشترك تجاه أية قضايا تعتري البلدين الشقيقين والمنطقة الخليجية على وجه العموم.
وأضفت العلاقات القوية التي جمعت الإمام عبدالرحمن الفيصل بأخيه الشيخ مبارك صباح الصباح الملقب بمبارك الكبير -رحمهما الله- المتانة والقوة على العلاقات السعودية - الكويتية، خاصة بعد أن تم توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - الذي واصل نهج والده في تعزيز علاقات الأخوة مع الكويت، وسعى الملك عبدالعزيز إلى تطوير هذه العلاقة سياسيًّا، واقتصاديًّا، وثقافيًّا، وجعلها تتميز بأنماط متعددة من التعاون.
وفي الوقت الذي كان يؤسس فيه الملك عبدالعزيز آل سعود قيام الدولة السعودية في ظل الظروف الصعبة التي كان يمر بها في ذلك الوقت حرص -رحمه الله- على توثيق عرى الأخوة ووشائج المودة مع دول الخليج العربي، منها دولة الكويت التي زارها خلال أعوام 1910م، 1915م، و1936م.
ووقَّع الملك عبدالعزيز -رحمه الله- عددًا من الاتفاقيات الدولية، منها ما تم مع حكومة الكويت في الثاني من شهر ديسمبر 1922م، وهي اتفاقية العقير لتحديد الحدود بين المملكة والكويت، وإقامة منطقة محايدة بين البلدين، وذلك بدعم من الملك عبدالعزيز آل سعود، والشيخ أحمد الجابر الصباح -رحمهما الله-.
كما جرى في 20 إبريل 1942م التوقيع على اتفاقية تهدف لتنظيم العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية بين البلدين، وكان من أهمها عدد من الاتفاقيات التي شملت جوانب الصداقة وحسن الجوار والأمور التجارية، إضافة إلى ما يهتم بالأمور الأمنية، مثل تسليم المجرمين.
ووثق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- روح التعاون بشكل أكبر مع الأشقاء في الكويت، حينما وافق مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة برئاسته في ذي القعدة 1439هـ على محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي - الكويتي، ثم جرى التوقيع على المحضر بعد 24 ساعة من الموافقة عليه في اجتماع جرى في الكويت بغية دعم العمل الثنائي المكثف بين البلدين، وتعزيز العمل الجماعي المشترك.
وجدد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- هذه العلاقات بزيارته في الثالث من سبتمبر 2018م لدولة الكويت لترسيخ عمق العلاقات التاريخية والوثيقة بين البلدين الشقيقين.
وتسير العلاقات السعودية - الكويتية بخطى ثابتة ومدروسة من حسن إلى أحسن عبر الزمان، وعلى امتداد تاريخها الطويل الممتد لأكثر من قرنين ونصف القرن من الزمان؛ فمنذ الدولة السعودية الأولى، ومرورًا بالدولة السعودية الثانية، ثم العهد الراهن الزاهر، ومسيرة العلاقات بين المملكة والكويت تتطور وتزدهر بفضل حكمة وحنكة القيادة الرشيدة في كلا البلدين التي أرست قواعد هذه العلاقة، ووطدت عراها، ومتنت أواصرها، ورسمت خطوط مستقبلها في جميع المجالات وعلى مختلف الأصعدة، الرسمية منها والشعبية.
ولقد أصبح التعاون والتنسيق السعودي - الكويتي تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية يسعى لتحقيق ما فيه خير شعوب دول المجلس وشعوب الأمتين العربية والإسلامية، وخدمة قضايا العدل والسلام في العالم أجمع.
وانطلاقًا من توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وأخيه صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت -حفظهما الله-، لا يقتصر مجال التعاون بين البلدين على الشؤون السياسية والاقتصادية والأمنية، بل يتعداه ليشمل المجالات الثقافية والرياضية والاجتماعية والفنية امتدادًا لما سبق ذلك التعاون من دعم.