د. صيتة بنت فهد الغبين
في نهاية الجولة الآسيوية لولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله, والتي حظيت باهتمام العالم كما أنها لاقت نجاحاً كبيراً وأصداء إيجابية في تلك الدول خاصة والعالم قاطبة، كانت هنالك العديد من الرسائل لهذه الزيارة لتلك الدول التي تشكل قوة سياسية واقتصادية وعسكرية لا يمكن إغفالها بتاتاً فلا يغيب عن ذهن المتتبع للشأن السعودي الخارجي مدى الثقل السياسي والاقتصادي وحجم الدور المؤثر للمملكة في دول المحيط، بل أن مثل هذه الزيارة والتي امتدت من باكستان والهند وانتهاء بالصين ومدى الاحتفاء والترحيب الكبير من هذه الدول وقادتها بمقدم الضيف السعودي الكريم ماهو إلا دليل قاطع على أن المملكة أصبحت تحتل عربياً المركز الأقوى هذا عدا عن كونها وجهة اقتصادية جاذبة للتعاون والاستثمار الذي بدوره سيكون معززاً للاستقرار في المنطقة ولجميع الأطراف. إن هذه الدول ترى في التعاون مع الاقتصاد السعودي إمكانات هائلة وسوق محفزة على الاستثمار فالطموحات السعودية كبيرة جداً للخروج من دائرة الأسواق النامية التقليدية المحدودة الطموح، وخلق قوة اقتصادية هائلة تتيح للمملكة لعب دور أكبر مؤثر عالمياً.
إن هذه الاستثمارات لن تكون قاصرة على القطاع النفطي فقط بل أنها تتنوع في العديد من المجالات المهمة. فالهند والصين أصبحتا من أهم الجهات العالمية الخالقة والمصدرة للتقنيات العالمية العالية بل أنها أصبحت سوقاً أساسياً للاستثمار لأهم الشركات وعمالقة الاقتصاد العالمي لذا فإن المملكة تسعى من خلال هذه الاتفاقيات العالمية لتنويع اقتصادها وتنويع جهات التعاون والتبادل العالمي من خلال الاستثمار في السوق الباكستانية وسوق الطاقة العالية والتكرير النفطي ومجال البتروكيماويات في كلٍ من الهند والصين واتفاقيات توريد مع شركات التكرير غير الحكومية وكذلك المشروع الدفاعي المشترك مع شركة نورينكو الصينية العملاقة. إن زيادة هذه الاستثمارات المتبادلة بين المملكة والأطراف المعنية والتعاون القائم على الاحترام والتفاهم والدعم المتبادل سيكون له أكبر الأثر في تعزيز الوجود السعودي في آسيا والمحيط الدولي. كما أن هذا التنوع في الأسواق التي تستهدفها المملكة هو مؤشر مهم لإدراكها ضرورة عدم وضع مواردها واستثماراتها في جهة واحدة فقط، بل أن هذا التنوع في الشراكات المختلفة دليل على أن السعودية ليست مصدراً للنفط فقط بل هي تسعى لأن تكون في المستقبل القريب جداً أحد أهم الركائز في صناعة ودعم الاقتصاد العالمي بمختلف أنواعه. هذا الوعي السياسي والاقتصادي للمملكة وقادتها من فتح بوابات العبور لاقتصاديات العالم المتعددة لن يمر مرور الكرام على من يسعون لهدم كل الجهود التي تبذلها المملكة في طريقها للمستقبل الذي خطته ورسمته لنفسها بل أننا سنجد عديدا من الأصوات التي سوف تحاول إثارة عدد من القضايا وإثارة الرأي الخارجي العالمي واستفزازه سواءً في دول الجوار أو المحيط الدولي، ولكن سيغيب عنهم شيء مهم جداً وهو أن القيادة السعودية وبدعم كامل من شعب يثق تماماً أن الشمس السعودية يمكنها أن تشرق من أي جهة على وجه الأرض ستكون قادرة بإذن الله على الوصول إلى القمة التي نطمح لها وإن كثرت التهديدات من حولنا، فالظروف تختلف الآن وما يمكن تطبيقه في بلد يختلف عن الآخر، وليست كل الشعوب يمكن أن تساق كقطيع لخطط خارجية تهدم مستقبلها، نحن السعوديون قادمون بقوة وبتلاحم مع قيادة آمنت بقدراتنا وولائنا كشعب وآمنا بحكمتها وشجاعتها ورؤيتها لمستقبل عظيم.