في توقيت تاريخي ووفق قرار سيادي حكيم جاءت جولة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأخيرة إلى كل من باكستان والهند والصين، فالجولة تتم ضمن حراك سياسي واقتصادي كبير تقوم به المملكة، لتعزيز وبناء علاقات استراتيجية مع مختلف القوى، وبناء اقتصاد وطني جديد، كما أن الجولة تأتي اقتصادية بامتياز، وتؤسس لعلاقات جديدة، تتناغم مع رؤية 2030، التي أعلنها سمو ولي العهد قبل نحو عامين، ومن ضمنها تطلعات وآمال عريضة بتطوير الاقتصاد السعودي، وتعزيزه بحزمة من الاستثمارات والمشاريع النوعية التي تنقل المملكة إلى أعتاب مرحلة جديدة من النمو والازدهار، فالأمير الشاب يقود جهودًا كبيرة لتنويع اقتصاد المملكة بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على النفط وهو ما دلل عليه اصطحاب سموه في الجولة عددًا كبيرًا من مسؤولي المنظومة الاقتصادية.
إن جولات سمو ولي العهد ومنها هذه الجولة تؤكد حكمة القيادة الرشيدة واستقراء خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -يحفظهما الله -لمكامن الجغرافيا والتاريخ، والاتجاه شرقًا بعلاقات المملكة دون أن تعطي ظهرها للغرب، ومن ثم استنهاض كل ما هو مشترك عبر اتجاهات عدة، بعيدًا عما هو معروف في العلاقات الدولية من سياسة محاور ضيقة الرؤية لا تتفق مع المصالح الوطنية للمملكة..
وقد عكست محطات الجولة الثلاث -باكستان والهند والصين- حجم الاتفاقات ومذكرات التفاهم ذات الصبغة الاقتصادية التي وقعها سمو ولي العهد مع مسؤولي الدول الثلاث، فضلاً عن الاستفادة من خبرات هذه الدول في مختلف المجالات من تطوير التعليم والتدريب، ونقل التقنية، وتعزيز خبرات المواطن السعودي، وتأهلية لقيادة القطاعات الاقتصادية، إن الحراك الذي يقوم به الأمير محمد بن سلمان داخليًا وخارجيًا يؤكد قدراته القيادية وطموحاته الشبابية وتكريسها لبناء مستقبل واعد وفق رؤية استراتيجية قائمة على فكر إداري متنوع وراقٍ، وتنطلق من دوافع دينية ووطنية، تتمثل في أن الدولة التي بها الحرمان الشريفان، يجب أن تكون في الصدارة الدولية.
وكما سبق القول فإن توقيت الجولة في الدول الثلاث حمل دلالات وأبعادًا غاية في الأهمية، تؤسس للدور المحوري للمملكة ليس في قارة آسيا فحسب وعلى مستوى الاستراتيجيات السعودية المتوازنة والمتعددة غربًا وشرقًا أو شمالاً وجنوبًا.. فنحن أمام تحرك دبلوماسي ودور سعودي يتعاظم.. يقوده ملك حكيم ويرسمه قائد شاب وطموح يعرف ماذا يفعل ومتى يتحرك؟
** **
- علي حسين العواجي