د.ثريا العريض
تناقلت ساحات الحوار في مواقع التواصل الإلكتروني خبرًا عن موافقة أعضاء مجلس الشورى على تعديل في اتفاقية «السيداو» القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة». جاءت صيغة الخبر غير واضحة فأثارت الكثير من الجدل والتكهن والتساؤل حول التعديل المشار إليه وهل يتطرق إلى وقف كامل للوصاية على المرأة خاصة أن المملكة تحفظت على بعض النقاط رغم توقيع الاتفاقية. وشملت التساؤلات والتكهنات وضع المواطنة المطلقة والمعلقة وحضانة الأطفال ومنح أطفال المتزوجة من غير مواطن الحق في الحصول على جنسية الأم تلقائيًا.
اتضح فيما بعد أن التعديل لا يتطرق إلى أي من هذه الجوانب المهمة، وإنما يقتصر على تحديد عدد اللقاءات السنوية لأعضاء اللجنة المختصة في مقر الأمم المتحدة.
كثيرات عبرن عن خيبة أمل كبيرة بعد هذا التوضيح. كن يحلمن بحل مشكلة مؤلمة تعاني منها كثير من المواطنات في تعامل بعض الأقارب وأولياء الأمور مع الإناث بأنانية ذكورية، وليس من منطلق أن القوامة تكليف برعايتهن لا استغلالهن أو حرمانهن من حقوق شرعية أو إِنسانية.
من منا لم يمر به هذا السؤال: «ما هو شعورك تجاه مطالب المرأة أو معاناتها؟ « مع تعدد المواقف المشار إليها؟
في الأغلب يأتي سؤال يتعلق بالشخص الذي يوجه إليه بصورة شخصية خاصة به ترتبط بانفعاله بموقف عام، وعادة المشاعر فردية وخاصة بالأفراد.. ولكن في حالات نادرة يأتي سؤال خارج المعتاد يتعدى الشخص ذاته إلى ما هو أشمل.
كمتخصصة تعودت أن تأتيني الأسئلة تتعلق بمعلومة علمية أجد إجاباتها خارج العاطفة الشخصية.
أشارككم بعض ما مر في ذهني من تفاعل بتفاصيل السؤال عن قضية المطالبة برفع الوصاية عن المرأة. ربما سمعت هذا السؤال المباشر مئات المرات خلال العشرين سنة الماضية حتى قبل تعييني في مجلس الشورى وبالذات في كل حضور لي في الإعلام الخارجي بصفتي مواطنة سعودية في موقع المسؤولية وصنع القرار. سؤال وجيه في هذه القضية المثيرة للجدل العاطفي خارج إطار المنطق المتوازن الحيادي.
هل يختلف شعور مواطن عن آخر؟ هل يختلف شعور النساء عن الرجال؟ شعور إحداهن عن الأخرى؟
بلا شك! فالانفعالات دائمًا فردية والتجارب الشخصية أيضًا..
وبلا شك أيضًا هناك مشترك عام يرفض موقف التهميش والاستغلال وربطه بمفهوم شرعي يساء تفسيره أو لا يطبق في الممارسة.
ولكن الإجابة لا تختزل في وصف واحد يختصرها في شعور آني. كيف ترسم شعورك بأنك في موقف مؤطر بالزمن؟ زمنك أنت وزمن المجتمع وزمن الوطن! موقف تتعانق فيه الإحساسات والانفعالات والأفكار.
هل تركز على شعورك بأهمية الجواب لا كحدث في الحاضر بل كما تراه يمتد في المستقبل؟ هل تركز على حسك شخصيًا بشعور المسؤولية التي تحملها تجاه إحقاق العدل؟ على امتنانك أنك جزء من هذه القفزة المستقبلية؟ وأنك مسؤول عن استمراريتها من خطوة أولى إلى مسيرة فاعلة وثقافة مستدامة تؤمّن للمرأة كل حقوقها؟
بين الوعي الذي يذكرنا بالعقلانية والتدرج والعمل في هدوء لإيقاف التجاوزات الفردية، أراني أقفز مع السؤال لأفكر في استراتيجيات للتطور المطلوب؛ قوانين كثيرة علينا تفعيلها لنحدث تحولاً ثقافيًا ملزمًا في وعي وفعل المواطن والمسؤول ليسود الهدوء والانضباط شوارعنا وبيوتنا ومؤسساتنا وعلاقاتنا وممارساتنا العامة والخاصة.