مها محمد الشريف
في خطوة أبعد من العناوين والأرقام تتجه الغايات نحو قدرات وصول منتظمة وموثوقة، حيث بدأت الزيارة الرسمية التي يقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- للصين ضمن جولته التي شملت عددًا من الدول الآسيوية، التي تسجل بعدًا تاريخيًا تتمحور حوله أهم أواصر التعاون المشترك بين البلدين وتوثيق العلاقات الاقتصادية والثقافية ونقطة مشتركة تحقق اهداف التنمية المستدامة في مختلف المجالات.
وفضلا ًعن ذلك فإن موقع المملكة المتميز يشجع على مجالات الشراكة الاستراتيجية، وتوثيق الروابط الاقتصادية وزيادة حجم الاستثمارات المتبادلة بينها وبين دول العالم قاطبة كونها تربط بين ثلاث قارات رئيسة آسيا وأوروبا وإفريقيا، وما زلت أكرر أن قوة الدول لم تعد في جيوشها وإنما في اقتصاداتها وما تحتويه سلتها الصناعية والخدمية والتجارية، وتنويع القاعدة الاقتصادية حيث تعد أحد أهم عوامل الثبات ومواجهة المتغيرات التي تشهدها اقتصادات العالم من حين لآخر..
على هذا النحو يرتبط التصور الحديث للعلاقات السياسية بمعايير تقوم على أساسها العلاقات الاجتماعية، وفهم ترابطاتها وتقاطعاتها ورهاناتها وامتدادها بالشراكة الاقتصادية والخطط الهادفة إلى توسيع نطاق التعاون المشترك، فالعلاقات مع الصين ليست جديدة فقد بدأت العلاقات التجارية الرسمية في عام 2014 بعد زيارة الملك سلمان عندما كان وليًا للعهد، ومنذ ذلك الحين شُيدت القواعد ذات المحركات لتحقيق الاقتصاد السياسي، فقد كانتا الزيارة والعلاقات تتصفان بالنمو المتواصل لحجم التبادل التجاري، ومنه تنامى في السنوات التالية، ليصل مباشرة في 2015 إلى نحو 185 مليار دولار، والجدير بالذكر أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، كان حاضرًا وبين عيني سموه مستقبلاً حافلاً بالإنجازات يبشر بالرخاء وترتبت فيه الإستراتيجيات حسب مساراتها.
لا شك أن أهمية التعاون الاستثماري المشترك مع الصين مؤثر ويستدعي قدرًا كبيرًا من القوة، سواء كانت الصناعة أو المواد الخام أو مراكز التصنيع والتوزيع. والأهم من ذلك أنها عضو دائم بمجلس الأمن وهذا له ثقل سياسي كبير كونها من الخمسة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن ولها حق النقض «الفيتو» ودولة مركزية، وهناك أيضًا بعض التوقعات بأن تصبح منظمة تعاون شنغهاي نظيرًا للناتو التي أنشأتها الصين في عام 2015وهي منافس لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي المملوكين للولايات المتحدة.
ويمكن تقييم النجاح الذي حققته جولة ولي العهد -حفظه الله- على حجم الاتفاقيات والشراكات الكبيرة بين البلدين الصديقين، ومنه ظهرت الدلائل التي جرى استعراضها من قبل العالم السياسي بأنها تحالفات القوى الراغبة في مكافحة الإرهاب ومناقشة الملفات السياسية الأخرى. لهذا كسب الصين سياسيًا بمنزلة نجاح ينعكس على ملفات منطقة الشرق الأوسط مع دول التحالف.
لا يقل أهمية عن ذلك مكانة المملكة المؤثرة وخصوصيتها الدينية بحكم وجود مكة المكرمة والمدينة المنورة، الأمر الذي يدعو لأهمية هذه العلاقات من الجانب الصيني، ووجود 120 مليون مسلم في عدة مناطق في الصين واهتمامها الكبير بمواطنيها أكسبها ميزة أخرى، يتبعها التعاون والتبادل الاقتصادي مع المملكة لأنها جزء من مبادرة الحزام والطريق الصينية أضف إلى ذلك النفط والعلاقات التجارية، وإمداد الطاقة.