د.عبدالعزيز العمر
لم يعد اقتصاد اليوم اقتصاداً زراعياً صناعياً، بل أصبح اقتصاداً معرفياً معلوماتياً، أي اقتصادا يقوم على المعرفة العلمية وعلى مهارات نوعية جديدة، وفي ظل استمرار تنامي هذا النمط من الاقتصاد قد يأتي يوم تجد نفسك فيه تتنافس مع شخص ياباني للفوز بفرصة عمل في مدينة تثليث (جنوب المملكة)، وقد يفوز الياباني بفرصة العمل لكونه يمتلك المعرفة المهارات الجديدة التي يتطلبها سوق العمل، سوق العمل لم تعد تؤثر فيه عواطف ومشاعر الوطنية والمواطنة. فالأولوية المطلقة هي لمن يمتلك المعرفة ويجيد المهارة. مع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين بدأت كثير من المهن تختفي من سوق العمل، وظهرت في المقابل مهن جديدة تتطلب توفر معرفة جديدة ومهارات جديدة (مهارات القرن 21)، فلا يكاد يوجد اليوم منتج اقتصادي إلا ويتطلب إنتاجه حداً أدنى من المعرفة، وحدا أدنى من المهارات المعاصرة. هناك من يرى أن مؤهل الثانوية العامة لم تعد اليوم كافية لدخول سوق العمل، بل إن المؤهل الجامعي التقليدي لم يعد يضمن لصاحبة الدخول إلى سوق العمل ما لم يضف إليه صاحبه حدا أدنى من المعرفة العلمية والمهارات التي يحتاجها سوق العمل الجديد، لكن السؤال الكبير هو: كيف وأين يحصل طلابنا على المعرفة والمهارات التي تتطلبها مهن الألفية الثالثة؟ ونجيب عن هذا السؤال بالقول إن التعليم هو الذي يزود الطلاب بتلك المعرفة وبتلك المهارات، وهنا يثور سؤال آخر: وهل تعليمنا الحالي قادر على تزويد طلابنا بالمعرفة والمهارات التي تتطلبها المهن المعاصرة. الإجابة هي قطعاً «لا». إن إكساب الطلاب المعرفة والمهارات المعاصرة التي يتطلبها الاقتصاد المعرفي المعاصر يتطلب إحداث تحول نوعي جذري في التعليم، يؤكد ذلك أنك تستطيع اليوم أن ترتب قوة اقتصاد الدول بحسب قوة نظمها التعليمية.