ياسر صالح البهيجان
مطلوب من البنوك أن تسهم مع وزارة الإسكان في انفراجة معضلة الإسكان، وهذه مسلّمة أعتقد أن البحث خارج دائرتها ليس مجديًا، بل ليس منطقيًا كذلك؛ لأن احتياج المواطن الباحث عن تملك مسكن للسيولة النقديّة أمر ملح، ولن يجد أمامه سوى البنوك بملاءتها الماليّة لتوفير الدعم المالي المتناسب مع قيمة الوحدات السكنيّة المعروضة في منطقته.
إذن، لماذا يتردد المواطن في الاتجاه نحو البنوك للاقتراض العقاري؟، معرفة أسباب التردد تقودنا إلى استراتيجية وضع الحلول التي تجعل من البنوك، بوصفها مصدر التمويل الرئيس، جاذبة للمواطنين ومساهمة في تملكهم للمساكن، ومن هنا نقول بأن المعضلة الكبرى في نظر المواطن تتمثل في قيمة الفائدة التي يجنيها البنك من التمويل العقاري، التي تتجاوز أحيانًا 50 بالمائة من قيمة العقار، أي أن الفرد الذي يريد تملك عقار تكلفته 500 ألف ريال، سيضطر إلى دفع 750 ألف ريال، بفائدة تبلغ قيمتها 250 ألف ريال.
وعند سؤال البنوك عن سبب نسبة الفائدة المرتفعة في التمويل العقاري، فإن الإجابة هي أنه تمويل يحمل نسبة مخاطرة عالية، وكلما زادت نسبة المخاطرة تبعتها في الزيادة نسبة الفائدة، وهذا بلا شك منطق سليم من منظور اقتصادي، ولكن ماذا إن كان الضامن في السداد هي وزارة الإسكان بوصفها جهة حكوميّة مسؤولة، ولا بأس من استحداث آلية تنتقل بموجبها ملكية العقار بصفة مؤقتة الوزارة ويتحوّل العقد فيما بين المواطن والوزارة إلى عقد تأجيل منتهٍ بالتمليك، وحينها لن يكون مبرر المخاطرة العالية مطروحًا على الطاولة، ولن تجد البنوك المحلية حرجًا في خفض نسبة الفائدة على التمويل العقاري.
النسبة العظمى من المواطنين جادون في التزاماتهم الماليّة، وحتمًا لديهم القدرة على السداد ما دامت المبالغ المستقطعة متوافقة مع مدخولاتهم الشهريّة، كما أن لدينا عديدًا من الأنظمة الجديدة التي تجبر أي فرد على الالتزام بالسداد ومنها إيقاف الخدمات والمنع من السفر والوضع على القوائم السوداء، وهذه تدابير كفيلة بضمان جديّة من يقترض من البنوك أو يدخل في التزام مع وزارة الإسكان، لذا أعتقد بأنه بات لزامًا على البنوك إعادة النظر في مسألة حجم المخاطرة التي تقيّم من خلالها البنوك قيمة فوائدها، وهي كذلك فرصة لوزارة الإسكان في أن تلعب دور الوسيط الموثوق به من الطرفين، المواطن والبنك استكمالاً لإنجازاتها الكثيرة والكبيرة في حل معضلة الإسكان للمواطن.