د. محمد عبدالله العوين
أن يعرض حوار مع متمردة على قيم مجتمعها الدينية والأخلاقية وعلى نظامه السياسي والأمني ثم يدور الحديث معها بطريقة سلسة لمعرفة أسباب هروبها من بلادها؛ فتقدم نفسها على أنها ضحية مضطهدة مستهدفة بالإيذاء خائفة من التعقب والمطاردة والسجن كما تدعي؛ فلا يوقفها المحاور عند حدها حين أشارت إلى من أسمتهم بـ»المعتقلين» وادعائها الدفاع عنهم، فكسبت بذلك الحوار المنفلت منصة إعلامية كبيرة كانت تتمناها للتعبير عن أفكارها المنحرفة وآرائها السقيمة وأحكامها الظالمة على مجتمعها ودولتها.
قدمت تلك الفتاة المتمردة التي ادعت الاضطهاد نفسها كما تريد وانتصرت بترويج دعاواها الكاذبة بالمخاوف والقلق والهروب للنجاة من الاعتداء أو الإيقاف والمحاسبة من الجهاز الأمني؛ لدفاعها عن رفيقاتها في طريق التمرد والانقلاب على المجتمع والدولة.
حققت المتمردة هدفها من الاستضافة التي جاءت هدية كانت تتمناها للترويج لتيارها المتنمر الناقم على أهله وقيم مجتمعه.
ويبدو أن الوعي بأفكار تيار «النسوية» السعودي السياسية والأخلاقية غائبة تماما عن أجواء الحوار والتفاصيل التي دار حولها النقاش.
ما كان جديرا بمن يتعرض لقضية هروب الفتيات أن يتناول «الهروب» بسطحية على أنه نتيجة لقسوة أب أو خوف من اغتصاب أو ضيق بأخلاق وقيم مجتمع فحسب؛ بل الأمر أكبر من كل الحوادث الشاذة النادرة التي قد تحدث في أي مجتمع على وجه الأرض.
ومما يؤسف له أن الحوارات التي تمت في مجملها لم تخرج عن تداعيات سلوكيات شاذة لا يملك أحد الدليل على صحة وقوعها؛ فقد تكون ادعاء وكذبا من المتمردة؛ لكسب التعاطف، مع أنها ربما تحدث في أي مجتمع ولا غرابة في ذلك، فليس ثمة مجتمع ملائكي في هذا العالم.
تيار «النسوية» السعودي في عمقه ومخبره وأجندته أعظم خطرا من حوادث منفردة شاذة، فهو تيار ارتمى في أحضان دول أجنبية واستسلم لرعايتهم ودعمهم والعمل بتوصياتهم التي ترسمها سفاراتهم ومنظماتهم «الحقوقية» المدعاة.
لم يكن هروب الفتيات إلى الخارج أو إعلان التنمر على الدولة والمجتمع في الداخل من أجل قيادة سيارة أو المطالبة بحقوق لم يعرف ما هي بالتحديد، فهي عناوين خادعة مغلقة ترفع كشعارات لجذب المندفعات ولحماية منظمات حقوق الإنسان المزعومة.
بل كان وسيلة من وسائل الرغبة في الدعم الخارجي للوصول إلى إعادة صياغة لمنظومة المجتمع الأخلاقية وفق هوى المتمردات، بدليل نمط الحياة الذي يمارسه بعضهن، والصورة المزرية التي خرجت بها من لجأت إلى كندا واستقبلتها وزيرة الخارجية الكندية، ووجد الأعداء والمتربصون في المنفلتات وسيلة جاهزة لتشويه صورة المملكة عبر وسائل الإعلام وإبرازهن على أنهن ضحايا مجتمعهن ولا بد من المسارعة في إنقاذ ملايين النساء ممن يماثلنهن في المعاناة.
لقد ثبت تورط كثير منهن في خيانة وطنهن، فما كان حقيقا بتقديم هروبهن على أنه سعي للتخلص من اضطهاد مدعى؛ بل كان من الأولى كشف الأسباب الحقيقية وراء الدعاوى الكاذبة ووضع من ثبت استقطابه منهن في دائرة خيانة الوطن.