فهد بن جليد
حالة الالتفاف التي يمارسها بعض التجار والشركات ضد المستهلك السعودي يجب أن تتوقف، حماية المستهلك مدعوَّة أكثر من أي وقت مضى للتدخل، فما زال جيب المستهلك ينزف بسبب أطماع هؤلاء، دون أن نستفيد من التجارب المحيطة بنا في كيفية مواجهة موجات الغلاء الفاحش في بعض الأسعار، ووقف وكشف مُمارسات الغش والتدليس في المنتجات وجودتها، نحن لا نملك تجارب محلية يمكن الركون إليها والاستشهاد بها أو حتى الإشارة إليها، فكل خطوات لجم أطماع التجار هي محاولات توقفت بعد أن هدأت عاصفة التلويح بالمقاطعة التي لا تتجاوز غالباً (وسائل التواصل الاجتماعي) لفترة، ثم يعود التجار لتحقيق أطماعهم ويرفعون الأسعار أو يقلّلون الكميات، والشواهد عديدة في الألبان والأجبان والخبز والحليب والمشروبات والرز.. وغير ذلك الكثير.
شركتي أوبر وكريم تواجهان في مصر هذا الأسبوع حملة كبيرة جداً للمُقاطعة بسبب ارتفاع فاتورة التسعيرة عن ذي قبل، الفكرة تكمن في اختلاف التسعيرة وقت الذروة، جهاز حماية المستهلك المصري استدعى المسؤولين عن الشركتين وواجههم بمطالب المُستهلكين، وأمهل الشركتين مهلة محدَّدة للرد، مع التعهد بعدم رفع تكلفة التسعيرة حتى يتم الوصول لصيغة مرضية لكافة الأطراف، لاحظ أنَّ ارتفاع الأسعار وقت الذروة وتغيّر سعر التعرفة دون سابق إنذار بحسب تكلفة الوقود أو إدخال القيمة المضافة، يتم في العديد من البلدان وليس في السوق المصري وحدها، ولكن جهاز حماية المستهلك المصري عمل بشكل حقيقي ليخدم المستهلك، ليبقى السؤال هل الخلل في أجهزة حماية المستهلك الأخرى؟ أم في ثقافة المُستهلكين أنفسهم للمطالبة بحقوقهم؟
المعادلة تقول المحرِّك الرئيس لاستيقاظ وزارة التجارة والاستثمار أو جمعية حماية المستهلك هي صرخات وشكاوى المستهلك نفسه، فاستمرار الشراء عند الارتفاع الطفيف في الأسعار، أو عند خفض الكميات، هو إقرار ضمني بقبول المستهلك لحالة التغيّر الجديدة، هذا الصمت أول أسباب المشكلة، وهو أول طرق الحل برأيي، لذا نحن في حاجة إلى تحرك يؤدي لرفع مستوى ثقافة الاستهلاك لدينا، ويحرِّر المستهلكين من التبعية اللا إرادية لأسماء منتجات شهيرة أو شركات محدَّدة أو سلوك مُستهلكين آخرين، رغم أنَّنا نستطيع المفاضلة بين خيارات تناسبنا أكثر جودة وسعراً، فقط جرِّب التوجه لخيارات أرخص، وستجد أنَّ حالة الالتفاف السابقة تتغيّر، وأنَّ منتجك السابق يُطاردك ليتناسب سعره الجديد مع خيارك، شريطة أن توصل صوتك وامتعاضك.
وعلى دروب الخير نلتقي.