زكية إبراهيم الحجي
يعيش عالم اليوم هاجس الطفل حاضره ومستقبله.. ذلك أن الطفل هو نصف الحاضر وكل المستقبل، لذا ليس غريباً أن تنشغل الدراسات ذات التوجه الإنساني بأبعاد واقعٍ صاخب يعيشه طفل الحاضر.. ومحاولة تحديد العوامل التي من شأنها أن تنهض بطفل الحاضر وتدفع به نحو مستقبل مشرق بصرف النظر عن الامتداد التاريخي الذي يثبت وجود جذور أدب الأطفال في الحضارات القديمة.. إلا أن النقاد يرون أن حظ الطفل من الكتابة له جاء في وقت متأخر وبشكل يكاد لا يُذكر نظراً لقلة المتخصصين في مجال الصناعة الأدبية والفنية المتكاملة الموجهة للأطفال مثله مثل بقية أنماط الأدب الموجهة للكبار.
أدب الأطفال من الفنون التي لم يُعط حقه في أن يكون فناً كغيره من الفنون المشهود لها بالإبداع والموهبة المصقولة بالحرفية في صياغة الأسلوب بلغة تناسب مدارك الطفل وفقاً لمعايير كتابة النص الأدبي للطفل وليس عنه.. بمعنى أن المتخصص في الكتابة للطفل يراعي قدر المستطاع أهمية التمييز بين النتاج الفكري المكتوب عن الطفولة (ثقافة الطفل) والنتاج الأدبي الموجه لهم، حيث يُؤخذ في الاعتبار المراحل العمرية للأطفال وخصائصهم وحاجاتهم النفسية وكل الأمور المتعلقة بهم.. إلا أن الملاحظ أن ما يُكتب للأطفال رغم قلته يفتقر إلى تحديد المرحلة العمرية المناسبة التي يخاطبها الكتاب الأمر الذي يؤدي إلى حالة من الإرباك عند الآباء والمعلمين لاختيار ما يناسب أطفالهم من كتب ويبقى الطفل حائراً في الاختيار
ولضمان نجاح أي نتاج أدبي موجه للأطفال يحتاج كل من يكتب للطفل إلى الموهبة أولاً كما ذكرت سالفاً إلى جانب العلم.. حيث لا يمكن الدخول إلى عالم الطفولة الساحر من خلال العقل وحده بل الطريق إلى ذلك بجانب العقل والمعرفة هو ذكريات الطفولة وفرحها والبراءة المصاحبة لتلك المرحلة
أدب الأطفال يحتاج إلى معايير مناسبة لتنمية الإبداع عند الطفل ووضعه في سياق يمكنه من تنمية قدرته وفكره وخياله، لذا فمن متممات الاهتمام بأدب الأطفال التشارك مع التربويين والتواصل معهم بهدف الارتقاء بالمستوى الفكري والعلمي والمعرفي والثقافي للأطفال من خلال الأدب.. وما يحز في النفس أن مكتباتنا تعاني من فقر في إنتاج أدب الأطفال.. فهلاَّ كان هناك التفاتة من الأدباء للكتابة لهم وليس عنهم، نرجو ذلك.