خالد بن حمد المالك
الهند هي المحطة الثانية في زيارات سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، وعندما نتحدث عن الهند فنحن نتحدث عن أكثر من مليار وثلاثمائة مليون شخص يعيشون في هذا الجزء من القارة الآسيوية، ونتحدث عن دولة تعد سابع أكبر دولة في العالم من الناحية الاقتصادية، والمملكة والهند تجمعهما قواسم مشتركة كثيرة، وتعاون كبير، وزيارات متبادلة على أعلى المستويات، وهما عضوان في مجموعة العشرين، والهند من ضمن الأسواق العالمية التي تستهدفها رؤية المملكة 2030 ويحرص سمو الأمير في زيارته على فتح نوافذ جديدة للتعاون المشترك بين البلدين.
* *
وللمملكة مكانة خاصة لدى الهند، وللأمير محمد بن سلمان تقدير خاص لدى القيادة الهندية، بدليل أن رئيس وزراء الهند ناريندرامودي استقبل سموه لدى وصوله إلى المطار على رأس وفد وزاري هندي كبير، خارقاً بهذا (البروتوكول) لإرسال رسالة ذات معنى عن متانة وقوة العلاقات السعودية - الهندية المتميزة، يضاف إلى هذا أن شوارع نيودلهي قد لبست حلة من مظاهر الترحيب، وقد تزيّنت شوارعها وميادينها ومبانيها بصور سمو ولي العهد، وأعلام المملكة، ولا غرابة في هذا، فهناك بين الدولتين روابط اقتصادية واجتماعية وثقافية، ولا ننسى أن الهند تعد واحدة من بين أكثر ثلاث دول في العالم من حيث عدد المسلمين، وأن أكبر جالية أجنبية تقيم وتعمل في المملكة هي الجالية الهندية، حيث يبلغ عدد الهنود بالمملكة ثلاثة ملايين شخص.
* *
ولكي نقترب أكثر من معرفة حقيقة العلاقات السعودية - الهندية، علينا أن نتذكر ما قاله ولي العهد خلال لقائه الرئيس الهندي رام نات كوفيند في القصر الرئاسي بحضور رئيس الوزراء من أن المملكة تمثل 80% من مساحة شبه الجزيرة العربية من 2000 سنة، وأنه يأتي إلى الهند لبحث تطوير التعاون بين البلدين، وإدخالها إلى مرحلة جديدة، مع التأكيد على عمق العلاقة الثنائية التي تربط نيودلهي والرياض، منوهاً بمشاركة الشعبين في النهضة التي شهدتها وتشهدها الهند والمملكة، وكل هذا تم في أجواء ترحيبية فخمة شملت مرافقة موكب سموه كوكبة من الخيالة، فيما كانت المدفعية الهندية تطلق 21 طلقة ترحيباً بسموه.
* *
كانت النتائج في حجم أهمية الزيارة، فقد عقد سموه ورئيس الوزراء الهندي اجتماعاً ثنائياً في قصر حيدر أباد، أعقبه اجتماع موسع، كانت العلاقات الثنائية هي محور الحديث، حيث تم بحث آفاق التعاون بين البلدين، وفرص تطويرها، وبحث تطورات الأحداث الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة تجاهها، لينتقل الأمير ورئيس الوزراء من الاجتماع إلى توقيع الوزراء في الجانبين على خمس اتفاقيات ومذكرات تفاهم، ضمن برنامج عمل إطاري للتعاون بين الهيئة العامة للاستثمار بالمملكة واستثمار الهند، وتفاهم في مجال الإسكان، ومذكرة أخرى في مجال السياحة بين الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ووزارة السياحة الهندية، ومذكرة تفاهم في مجال الاستثمار في الصندوق الوطني للاستثمار والبنية التحتية الهندية بين حكومتي البلدين، وكذلك في مجال البث بين هيئة الإذاعة والتلفزيون بالمملكة وبراسابهارتي نيودلهي.
* *
سمو ولي العهد قال في كلمة له بعد التوقيع على هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، إننا نبني اليوم علاقة قديمة جدا ساهمت في بناء المملكة في الخمسين سنة الماضية من خلال الأيادي الهندية العاملة، والشركات الهندية، والعقول الهندية، والفرص اليوم بين بلدينا كبيرة جداً، وهناك مصالح كثيرة تجمعنا، في الطاقة والزراعة والتنمية والثقافة وفي المجال الاجتماعي، وقال سموه: المملكة ليست دولة تبيع النفط فقط، بل إننا نستثمر في الدولة التي نبيع النفط فيها في صناعة البتروكيماويات والتخزين، ونقاط أخرى تجعل من الهند مركزاً إقليمياً مهماً في توزيع النفط والمواد الناتجة منه.
* *
ولي العهد في خطابه المهم أشار إلى أنه في السنتين الماضيتين حققنا نجاحات في التقنية والشركات الصغيرة تحفزنا للاستمرار أكثر، وأن المملكة جاهزة للعمل أيضاً مع الهند في المجال الاستخباراتي أوالسياسي ما يحقق أمن الدول المحيطة بنا، فيما قال رئيس الوزراء إن العلاقات بين البلدين تتميز بالود والمحبة، وأن المملكة تمثل أهم شريك للهند، وهي جارتنا وتؤمّن لنا الطاقة، وأن الهند والمملكة تحملان رؤية مشتركة في الموقف من الإرهاب، أي أن المباحثات كانت في السقف العالي من النجاح، وتميزت بالتفاهم والتقارب في وجهات النظر، والتأكيد على بناء مرحلة مستقبلية للعلاقات لتحقيق المزيد من المصالح لشعبي الدولتين.
- يتبع -