مها محمد الشريف
إن تاريخ العلاقات بين المملكة العربية والسعودية وباكستان علاقة استثنائية، تبني الآن شراكات عميقة في مرحلة أخرى قادمة وحافلة بالإنجازات، فتلك القيمة تعود لرسم مرحلة ذات أهمية انطلاقًا من وعي التعاون بين البلدين في مسار العقل والسياسة والاكتمال الاقتصادي، بالإضافة إلى بحث المستجدات المتعلقة بالموضوعات الإسلامية والدولية، وأهمية العلاقة الشخصية التي تطورت بين ولي العهد وعمران خان، الذي امتلأ حكمة وشجاعة، فقد قطع المسافة الفاصلة بين نقطة الانطلاق ونقطة الوصول، وكان على الوعد والصدق عندما جعل السعودية أول دولة يزورها بعد أن أصبح رئيس وزراء باكستان. عندما أخبر خان صحيفة «عرب نيوز» أن العلاقات الباكستانية - السعودية ستكون أقوى في ظل قيادته.
في هذا السياق، فإن هذا التحالف القوي مهم لمواجهة مخططات إيران وتركيا وبالطبع يوجد توازنات كبيرة بسياسات بارعة وعلى مدى عقود من الزمن تستطيع أن تشكل تحديات أكبر مما يوحي به حجم التعاون الاقتصادي، وعلى هذا الأساس تميزت العلاقات بين البلدين فأصبحت أكثر تأثيراً، ومن المرشح أن يزداد التعاون الاقتصادي من إنشاء مصفاة لأرامكو بعشرة مليارات وتعتبر كمية نفط ثابتة لسوق كبير إلى شراكات ضخمة، ومن المتوقع أن ترفع زيارة ولي العهد العلاقة بين البلدين إلى مستوى إستراتيجي، عطفًا على تطابق السياسة والدبلوماسية وينطوي ذلك على التوافق والتعاون، حيث انطلقا من اجتماع مجلس التنسيق، الذي رأسه ولي العهد وخان، والذي سيضمن تقوية هذه العلاقة بمرور الوقت وإدارتها من خلال الوسائل المؤسسية.
في زيارة رسمية حل سمو الأمير محمد بن سلمان ضيفًا مكرمًا ومبجلاً لدى حكومة وشعب باكستان، وفي ظل هذا التقارب الإستراتيجي بين البلدين، أتيحت الفرصة لرفع قيمة الأشياء التي تدفع نحو تقليص العجز في بعض الاتجاهات. التي يعاني منها الاقتصاد الباكستاني، وهو أمر جلب معه الإنعاش الاقتصادي بشكل انتقائي ويكون موازناً لثمنه لخوض التحولات الإستراتيجية التي تشهدها منطقة جنوب آسيا مع اتجاه الصين الباحثة عن القوة والتوازن والتكتيك والاستراتيجية فأصبحت قوة عالمية من الدرجة الأولى.
على هذا النحو فإن المملكة العربية السعودية تدرك جيداً تلك التحولات والتوازنات في القوى العالمية، وليس ثمة أية جدل حول دور ومكانة باكستان في خضم تلك التحولات، ولا سيما مع الدور الذي تلعبه إسلام آباد مع الصين عبر محور اقتصادي عالمي، وهي مؤشرات السير نحو مستقبل مشرق، ما يجعل المملكة حريصة على الاستفادة من تلك التوجهات الجديدة في السياسة العالمية.
هكذا كان مؤتمر الاستثمار الدولي في إسلام آباد خلال زيارة سموه، رافقه وفد خاص يضم 40 شخصًا من المسؤولين التنفيذيين في أرامكو وأكثر من 100 رجل أعمال سعودي حيث شارك في اللقاء الدولي الكبير الوفد المرافق له السعودي والباكستاني كان ذلك هو التفوق الحقيقي للتعاون المشترك بين الأصدقاء والحلفاء، وفي هذا الجانب قلدت إسلام آباد ولي العهد أعلى وسام لديها، وهو وسام «نيشان باكستان». ومع ذلك، أشاد، يكمن الشرف بلا شك في دعم إخواننا الباكستانيين خلال أوقات الشدة، ووضع آليات لضمان أن العلاقة مع إسلام آباد ستنتقل من بداية تاريخ جديد سيذكرها التاريخ بامتياز.