م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. لماذا سني العمر الأولى من الحياة هي الأغزر ذكريات؟.. ولماذا هي بحوادثها التي تهيمن على بقية الحياة وتؤثر فيها حتى الموت؟
2. يقولون إن العشرين عاماً الأولى في حياة الإنسان هي التي تصنع دراما ما تبقى للفرد من حياة.. وهي الأشد تأثيراً على مستقبل الحياة.. إنها أخطر سني العمر لأكثر الناس.
3. سني العمر الأولى هي النهر الذي تستمد منه ذاكرة الإنسان منابعها الفياضة إلى أن يموت.. فهي الأعمق والأقرب في تذكر التفاصيل.. بعضها محفور في الذاكرة لا يزول حتى لو زال العقل بالخَرَف.
4. سني العمر الأولى هي منبع الإبداع لكل مبدع فنان.. فالأديب والموسيقي والرسام والتشكيلي كلهم يَمْتَحُون من مَعِيْنِه.. لأن ذكريات سني العمر الأولى زاخرة حارة متحركة قريبة محفورة في بؤرة الشعور لا تمحوها السنين ولا الأحداث.
5. سني العمر الأولى هي المفتاح لذلك الإنسان الحالم أو المصدوم.. الواقع بين الخيال السحري أو أرض الواقع.. فتكون هي المداد الذي يبدع من خلاله الفنان.
6. الذاكرة هي مسرح الحياة للفنان المبتكر.. مسرح لا يغيب فيه أحد.. كلهم هناك في الذاكرة.. يكفي الإنسان سواء كان مبدعاً أو غير مبدع أن يصور المسرحية ويعرضها في باله ويصدقها.. فتتأثر حياته بسببها.
7. سني العمر الأولى لم نستمتع بها.. وكنا على أحر من الجمر أن نتجاوزها.. وكنا ضعافاً نفسياً وقابلين للكسر.. وحينما تجاوزناها تفاجأنا أنها كانت جميلة ورحيمة ومؤثرة.. ونستعيد ذكرياتها كثيراً باستمتاع مهما كان انشغالنا.. بل إن كثيراً من تصرفاتنا وسلوكياتنا تكون نتيجة لما تعلمناه وتأثرنا به في تلك السنين المبكرة من حياتنا.
8. في المتبقي من الحياة بعد سنيها الأولى.. يجتاح الإنسان شعور بالمنفى.. مع حنين كبير نحو العودة إلى تلك السنين الأولى.. وحينما يتوجَّد المبدع على ذلك المكان القديم فهو في الحقيقة يتوجد على ذلك الزمان أكثر من المكان.. فحنينه أبداً لأول منزل ليس حنيناً للمكان بل حنين لذكرى ما حدث في ذلك المكان.. في ذلك الزمان.
9. حينما يبر الإنسان بوالديه.. فهو يبرهم لأنهما رعياه في سني عمره الأولى.