فهد بن جليد
ما يحدث في الصياهد الجنوبية للدهناء هي حالة فريدة على مستوى العالم، يتم فيها التأسيس لرياضة ومسابقات مزايين الإبل بأطر ومعايير تنظيمية ورقابية وتحكيمية جديدة ومنظمة، نادي الإبل الجهة المنظمة لمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في نسخته الثالثة يعمل جاهداً على وضع تلك المعايير والقواعد وأساسيات هذه الرياضة فلا توجد على مستوى العالم نماذج مُشابهة يمكن الاقتداء بها أو التماشي معها.
هذا يعني أنَّ المملكة ستكون المرجع الرئيس عالمياً في هذه الرياضة، بعد أن أخذت على عاتقها تنظيم ووضع ضوابط لهذه المسابقات ومعايير تحكيمها ونجحت في ذلك بشهادة الجميع، خصوصاً وأنَّ هذا النوع من الرياضات يمر بمراحل ومنعطفات أمنية نتيجة التنظيم خارج المدن عادة، إضافة لأسعار الإبل المُرتفعة وضرورة مراقبة هذا السوق وأن يكون متوافقاً مع الأنظمة والتعليمات، وصحية تتمثل في محاولات بعض ضعاف النفوس تغيير أوصاف ومظهر الإبل وإخضاعها لعمليات تجميل ممَّا جعل اكتشاف ذلك أمراً صعباً، ويستلزم الاعتماد على تحاليل وفحوصات متقدمة، مع تحذيرات الأمراض والفايروسات التي يتم الترويج لها في كل مرة، وتحديات بيئية واجتماعية وثقافية أخرى، كل ذلك منح السعوديين اليد الطولى في هذا المضمار، لناحية التنظيم ووضع ضوابط ومعايير الجَمَال، وتشكيل لجان التحكيم والمُراقبة وتجاوز كل هذه الصعوبات بنجاح عاماً بعد آخر.
مهرجان الجنادرية وسباق الهجن الذي انطلق منذ أكثر من ثلاثة عقود كان هو المرتكز الأول لسباقات الهجن في العالم، واليوم تطوَّرت هذه الرياضة بعد إنشاء نادي الإبل السعودي، وإطلاق جائزة الملك عبدالعزيز للإبل، وتنظيم مسابقة مزايين الإبل وسلالتها ونوادرها، إضافة إلى إطلاق بطولتين لسباقات الهجن تنظمها وتشرف عليها هيئة الرياضة في الرياض على كأس خادم الحرمين الشريفين وفي الطائف على كأس سمو ولي العهد، إضافة لتأسيس الاتحاد السعودي للهجن، كل هذا يعني أنَّ المملكة ماضية بقوة في دعم هذه الرياضة وإحيائها بشكل عصري أكثر تنظيماً، ليبعث هذا الموروث التنافس الشريف بين الملاك ومقتني جميلات الإبل، واستعادة مكانتها اللائقة في نفوس العرب والحفاظ عليها، لا سيما أنَّ سباقات الهجن من الرياضات العربية المُتأصلة مُنذ فجر التاريخ، وتوارثتها الأجيال العربية إضافة أنَّ الجِمَال من المخلوقات التي تعيش في بيئتنا ومعنا، ورافقت الآباء والأجداد في تنقلاتهم ورحلاتهم وأسفارهم وحتى معاركهم أثناء توحيد أطراف المملكة مع الملك المؤسس، وفيها الكثير من الإعجاز الرباني في الخلق والتفكر، وارتبط بها إنسان الجزيرة العربية مُنذ القدم في كل مناحي حياته وثقافته وبيئته، وقد نجحت المناسبات السابقة في تخليص المنافسة من التعصب القبلي أو العنصري، وباتت رياضة تعتمد على التقنية والبرامج والفعاليات المُصاحبة مليئة بالتحدي والإثارة، بعيدة عن الاحتقان والمناكفات.
وعلى دروب الخير نلتقي.