سمر المقرن
من أجمل الأنشطة التي تُقام في المدارس هي المسابقات، فهي تُحفز على التنافس الشريف وإثراء روح الابتكار بين الطلبة، كما أنها لا توضع عشوائياً، بل تُقام على أسس منهجية وعلمية لتحقيق الأهداف المرجوة منها. والمسابقات تُشكل تجديداً وتنوعاً في البيئة المدرسية، كما أنها مادة خصبة لاكتشاف مواهب حقيقية في الصفوف المدرسية.
وبعد إقامة المسابقة، فإن أيضاً هناك أساليب منهجية لاختيار الأعمال الفائزة، لكن ما أراه اليوم يفتقر تماماً للمنهجية والعدل في اختيار العمل الفائز، فكل عدة أيام تصلني رسالة على الواتسأب أو عبر تويتر أو إنستغرام تتضمن طلباً بالتصويت على أحد الأعمال الخاصة بمدرسة معينة، بمعنى أن العمل الفائز أصبح هو الحاصل على الأكثر لايكات وريتويت أو ردود، وهذا أسلوب غير منطقي بدأت ألاحظ بعض المدارس تتعامل معه مؤخراً، فالعمل الداخل بالمسابقة لا بد أن يخضع لشروط وتنظيم منذ بداية المسابقة إلى نهايتها، ولا يفوز بناءً على التفاعل معه، بل يفوز بناء على رأي لجنة علمية أو لجنة متخصصة بنوع المسابقة هي التي تحدد العمل الفائز، لأن أسلوب اللايكات والريتويت غير منطقي أبداً، وهو يبني لدى النشء فكرة الفوز بناء على معطيات واهية وليس بناءً على الجدارة والأحقية!
تفاعل المدارس ووجود حسابات خاصة بها عبر منصات التواصل الاجتماعي أمر جيد، لكن تعليق نتائج المسابقات بهذه الطريقة التي تبحث عن التفاعل غير المنطقي في مواقع التواصل لحصد أعداد من المتابعين أو «المرتوتيين» لا ينبغي أن يتم إقحام العملية التعليمية بها ولا حتى الأنشطة أو المسابقات، لما في هذا من تأثير سلبي على الأبناء وانعدام العدالة في خلق الفرص وتقديم الأعمال الجديرة بالفوز، لأن الفوز بأي نشاط ينبغي ألا ينتهي إلى هذه المرحلة، بل من المهم أن تتبعه آلية لاحتضان هذه المواهب وتنميتها.
ضروري جداً، أن تلتفت وزارة التعليم إلى هذه الظاهرة التي انتشرت مؤخراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وإيجاد بيئة تنافسية يشارك فيها الطلبة عبر المسابقات ضمن لوائح علمية تضمن أن الفوز للأجدر والأحق، وأن العمل المميز يفرض نفسه، وذلك لنصنع جيلاً قادراً على قراءة مفردات التنمية، وأن مواكبة التغيرات لا يجب أن تكون على حساب التميز والجدارة!