عبدالوهاب الفايز
(شاركنا صوتك من خلال تقييم الخدمات،
شارك بأفكار واقتراحات لتحسين الخدمات العامة،
تقييم أفكار المواطنين لتحسين الخدمات العامة)،
هذه رسائل يقدمها للناس تطبيق (وطني) الذي أطلقه أخيراً المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة.. هذا التطبيق يضعنا أمام مشروع وطني متعدد الأبعاد والغايات، ويستجيب لمرحلة تحول إيجابي تأخذنا إلى مسار جديد في تطور (العلاقة بين الناس والحكومة)، وهو يذكرنا بحالة الرضى الإيجابية عن الخدمات الحكومية التي لمسناها جميعًا بعد إطلاق تطبيق (أبشر)، وغيره من الخدمات الرقمية المتطورة التي أطلقتها وزارة الداخلية، وكان لها الأثر الإيجابي على حياة الناس، فقد أراحتهم من رحلات معاناة وعذاب ضرورية لإتمام العديد من الخدمات.
بعد تطور الخدمات الرقمية في وزارة الداخلية، وفي قطاعات حكومية أخرى، تحقق تطور في (الرضى الوطني)، وهذا بدوره انعكس إيجابًا على إحساس الإنسان بكرامته، وهذا هو الهدف الأسمى الذي حارب لأجله الملك المؤسس عبدالعزيز - رحمه الله -، فقد وضع هذا الهدف السامي منطلق مشروع الوحدة الوطنية، لذا التف الناس حوله، وهذه الغاية جمعت حوله خصومه مع حلفائه ومناصريه، وهكذا تطورت مبادئ الدولة وأصبحت موروث الحكم الذي يجمعنا، ونظل نتذكره حينما نرى المبادرات التي تصب في تنمية الإحساس بالمواطنة والكرامة الإنسانية.
تطبيق (وطني) نراه في هذا السياق، أي خطوة تعزز المشاركة الشعبية في القرارات الوطنية، وتخدم تطوير الخدمات الحكومية، حيث توسع فرص استقبال الأفكار (المجانية) للتطوير والتحسين المستمر، ويتيح للمسؤولين معرفة القصور في الخدمات، وهذا يسرِّع المعالجة حتى لا تكبر المشكلات الصغيرة وتُترك من دون تدخل للإصلاح ولمعرفة مصدر المشكلة، فالمشكلات الصغيرة إذا أُهملت تكبر وتتطور مخاطرها ويصبح العلاج مكلفًا، وربما مكلفًا جدًا سياسيًا.
أيضًا توفر البيانات اليومية عن تقييم الناس للخدمات وجمعها في قواعد للمعلومات يعطي الفرصة للمؤسسات السيادية، السياسية والأمنية، للتحليل والدراسة وتطوير المؤشرات الوطنية التي تستشرف المستقبل، وهذا أحد الأدوات الضرورية للإدارة السياسية المعاصرة، فظروف إدارة الدولة في البيئة الرقمية المعاصرة وما أتاحته من تدفق كبير متسارع للمعلومات والأفكار والمشاعر تتطلب من الحكومات الرقابة والتحليل المستمر لاتجاهات الرأي العام.
الحكومات لا تستطيع العمل ومواجهة التحديات إذا كانت تحت ضغط الرأي العام، فهنا إما تستجيب لتيار المشاعر وتتجه في عملها إلى التهدئة عبر قرارات مستعجلة، أو تضطر إلى تحويل الانتباه وتشتيت الاهتمام عبر مسكنات للآلام، أو الاعتماد على (الحلول والمكتسبات السريعة)، وهنا تستمر المشكلات ولا تطرح الحلول الحقيقية، وهذا هو الخطر الأكبر على الشعوب والمجتمعات!
لذا، في هذه البيئة المعاصرة الحافلة بالتحديات، من المهم للجهات الحكومية التوسع في مشاريع وخدماتها الرقمية، فهذا المسار أحد الآليات المثالية لرفع أداء القطاع العام الذي سوف يبقى لسنوات المؤثر الكبير الرئيس لتقديم الخدمات للناس. أيضاً أدوات التواصل مع الناس تعزز التوجه الجاد إلى محاربه الفساد وتعزيز الشفافية، فالناس هنا تدخل كمشارك للأجهزة الرقابية في الحكومة مما يوسع ويعزز دورها.
وهنا من الضروري دعوة الأجهزة الحكومية، بالذات التشريعية والرقابية ومنفذة الأنظمة، إلى توعية الناس بأهمية دورهم المشارك في الرقابة والتقييم للخدمات. إذًَا التقييم يترتب عليه محاسبة أو مكافأة، من الضروري إذن توعيه الناس بمتطلبات (الدقة والأمانة) وتحري العدل والإنصاف، والبعد عن الهوى، فالتوعية الشرعية تساعد الناس على تحري العدل.
أيضًا ضرورة مكافأة المسؤولين والموظفين المتميزين في الأداء، ولعل يكون هذا هو الأبرز والأهم في تقديم فكرة التطبيق وهدفه للناس، فتعزيز القيم والمكافأة مقدم على العقوبة أو المحاسبة، فنحن نريد الإصلاح ما استطعنا إليه سبيلاً.
أخيراً نقول: التوسع في الاستفادة من تطبيقات تكنولوجيا الاتصال والمعلومات مسار يؤدي إلى تعزيز الوحدة الوطنية، ويعزز الكرامة الإنسانية ويأخذنا إلى تكريس ممارسات العدالة بين الناس، وآلية لتوسيع المشاركة الشعبية.