أمل بنت فهد
يحدث أن لا تسير الأمور على هواك، أو كما تعتقد صحتها، فلا تستعجل الغضب، أو تحبط، على العكس تماماً، كن هادئًا مطمئنًّا، لأن هذه الفوضى التي تبدو لك مزعجة، هي في السياق الطبيعي للاختلاف بين البشر، وحين تختنق الأجواء بالآراء المتضاربة، ووجهات النظر المتخالفة والمتعاكسة، فإن الحل قادم لا محالة من بين حشود الإجراءات الخاطئة، لأن ما حدث لا يعني أن الوضع متأزم، بل يعني أنكم في مرحلة المخاض، ولا يزال الجمع، أو الفريق، أو الشركاء، في مرحلة التجارب، والمحاولة، ولم يخرج بعد الحل الأفضل، الذي يحقق ما تريدونه وتهدفون الوصول إليه.
لا تفقد حماسك، لأن الصورة التي تكونت أمامك ليست كل شيء، وليست نهائية، ولا مصيرية، بل هي أقرب للخروج من الأزمة، أزمة الاعتقادات الشخصية، إلى براح الاعتقاد العام، لأن الاعتقاد الشخصي غالباً يعرقل عمل المجموعة، حين يتجاوز مهمته من مجرد رأي، ليصبح التمسك به مجرد انتصار شخصي، وكرامة وعناد.
لذا اسمح بمساحة الخطأ التي تراها أمامك ولا يراها غيرك، اسمح لها أن تظهر أكثر، وتتضح معالمها، دعها تنضج وتكشف عن نفسها للجميع، لا تقاطع حدوثها بالحل، أو المعالجة، لأن بقية الفريق، أو من بيده القرار لم يرها بعد كمشكلة وتحتاج إلى حل، أحياناً يكون الإنقاذ بعد الإعلان الخطر، وليست كل خطط الإنقاذ يمكن تنفيذها للوقاية، وأنت تعمل بعقلية الوقاية، لكنك تصطدم بمن لا يشعر ولا يرى مؤشرات الخطر، لذا امنحهم فرصة الخطأ، لأنك حينها ستقدم أفضل درس يمكن تعلمه، وكثير من الدروس الأكثر عمقاً وأثراً لا تتم إلا بالجانب العملي منها، إذ إن طبيعة الإنسان وحماقاته تجبره على الانزلاق وإن كانت أمامه لافتة الخطر، ليس عناداً بقدر ما هو اعتداد بالنفس، كما يحدث عند المراهقين والأطفال، ومهما كبر الإنسان، فإنه يميل لتجربة الأمر أكثر من القراءة أو السماع عنه.
وهذا يحدث في الشارع، والعمل، والبيت، وحتى بين الإنسان وبين نفسه، إنه يريد أن يتأكد، ويظن أن النتيجة ستكون مغايرة معه، وأن غيره فعلها بطريقة خاطئة، لذا دعه يتعلم، دعه يتعثر، دعه يتورط، دعه يفعلها بالطريقة التي يراها، وإذا مد لك يداً تطلب العون، يمكنك حينها أن تطبق ما رأيته مناسباً.