د. صالح بكر الطيار
اطلعت على عدة نماذج في العمل التطويري والتنمية البشرية في اليابان وذهلت من روعة النتائج العجيبة في تطوير الإنسان وتأهيله ووجوده كعنصر مهم جداً في تحمّل المسؤولية وكذلك في الحفاظ على المقدرات الوطنية وأيضاً تأهيله إلى توظيف الأخلاق في شتى أمور حياته وعمله.. سواء على مقاعد التعليم أو في الطرقات العامة أو من خلال سلوكه في المنشآت العامة والمواقع التي يرتادها وأيضاً غرس مفاهيم الحرص والنظافة والحفاظ على أملاك الدولة في كل موقع وغرس التربية وبناء الشخصية في المدارس واعتماد الأسر على أنفسها في الخدمة بعيداً عن جلب الخدم وبث روح التعاون والمساعدة لدى كل أفراد الأسرة في شتى الأعمار ليكون لدى كل واحد منهم مسؤولية يومية في محيط المنزل أو المدرسة أو العمل وبذلك فقد وصل الإنسان الياباني إلى مستويات متقدِّمة من الرقي والتقدّم التقني والعلمي والإنساني في شتى ميادين الحياة. ولو دققنا في تلك النماذج والتجارب الحيَّة لوجدنا اعتمادها على الأخلاق كأساس انطلقت منه كل تلك النجاحات.
لذا فإني أتمنى أن ندقق في هذه النماذج وأن نتعرَّف على تلك التجارب وأن نطبّق ذلك على أنفسنا وعلى أبنائنا وفي حياتنا وذلك لتأهيل الأجيال القادمة حتى تكون أجيالاً على قدر عال من المسؤولية الشخصية والاجتماعية وأن تتم الاستفادة من التجربة اليابانية وخصوصاً أن ديننا الإسلامي حث كثيراً على الأخلاق، وقد بُعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق، وجدير بنا أن نوظِّف الخلق القويم في كل ممارساتنا وسلوكياتنا وأعمالنا وأن نعي جيداً أهمية الأمانة والإخلاص والوفاء بالوعود والتعاون وأيضاً الحفاظ على الأماكن العامة وتطبيق سلوك المسلم في التعامل مع الآخرين وأيضاً الحرص على التربية السليمة للأبناء وزرع قيم الاحترام والتقدير فيهم للآخرين وحسن التعامل الذي من شأنه أن يتوارث عبر أجيال قادمة وخصوصاً أننا نواجه موجات من الأفكار المضلِّلة ومن الفتن التي تستهدف الأبناء والأسر والشباب.
يجب أن نشجع في الأجيال القادمة المعاني الأخلاقية والقيم التي ستكون رافداً مهماً مع ما يتلقونه من تعليم ومع ما يحصدونه من شهادات علمية التي يجب أن تكون مقترنة بتربية قويمة وبفكر يعتمد على حسن الخلق والتعامل الحسن في المعاملات وفي العمل وداخل كل بيت.
هذه تجارب مهمة وقد أنتجت لديهم أجيال واعية ونحن مطالبون أن نستفيد منها وأن نعتمد على ما نصت عليه شريعتنا الإسلامية وتربيتنا السليمة فلو تم تطبيقها والاستفادة منها فإننا سنحصد النتائج المثمرة والتي ستجنيها الأسر والمجتمع والتنمية وتكون من مشاريع المستقبل الطموح.