رجاء العتيبي
إذا كان هناك أناس يمكن أن يصنعوا السلام والحب والوئام، فأظنهم العاملين في العلاقات العامة، هم أقرب الناس إلى فهم طبيعة الحياة وروح العالم، يؤمنون بالعلاقات الإنسانية ويعزِّزون التعاون، وإذا حلّوا في مكان حل الإنجاز، فكل منهم يكمل قدرات الآخر ويضيف لزميله معنى آخر للنجاح.
خدمات متبادلة مستمرة ونشر صورة ذهنية إيجابية في كل مكان، ليس في قاموسهم نقد سلبي ولا سخرية ولا حط من شأن الآخرين، لأنهم يعرفون أن (النقد، التذمر، التشكي) ثالوث انفصام العلاقات الاجتماعية، كآبة للحياة، وانسداد للتاريخ.
وبما أن العاملين في العلاقات العامة ينشرون الحراك الإيجابي أينما وجدوا والأقدر على استيعاب معايير أهمية الدعم الاجتماعي والمؤسسي، فإنهم أقرب الناس إلى تحقيق مفهوم السعادة الذي بدأ يأخذ وضعاً دولياً أفضل من السابق، فها هي الإمارات العربية الحاصلة على أكثر الدول العربية سعادة تنشئ وزارة للسعادة، فيما احتلت السعودية المركز الثالث عربياً، و37 عالمياً، أما الدنمارك فاحتلت المركز الأول في أكثر الشعوب سعادة عالمياً للعام 2017م.
كان الأجدى أن يكون قطاع العلاقات العامة أكثر (تمكيناً) في المؤسسات الحكومية والأهلية، ليس في مهام الاستقبال والتوديع وحفلات الشاي، وإنما في تعزيز الاتصال المؤسسي داخلياً وخارجياً ورسم صورة ذهنية عن مؤسساتهم التي ينتمون إليها وتكامل العمل مع الآخرين، هم واجهة القطاعات ولا أظن غيرهم قادر على هذه المهمة.
بتفعيل دورهم لن تجد (السب والشتم والسخرية) التي نراها مثلاً في قطاع الرياضة، أو نشاهدها في الأحزاب المتطرفة دينياً، أو الأحزاب المتطاحنة سياسياً، لن تجد شيئاً من ذلك، سيبدأ الناس يومهم على أخبار سعيدة وقيم صداقة مستمرة، وموازنة بين الحياة العملية والاجتماعية، أما المشكلات فتَحل في إطارها الضيِّق.
هذا ليس من أساطير الرومانسيات, هذا تجده واقعياً/ خليجياً, الإمارات لا تنشر إعلامياً إلا كل ما هو جميل ومفيد وإيجابي, أما السلبيات فتحل في مكانها, لأن الخبر السيئ لا يبقى في محيطه وإنما يتعداه إلى أناس آخرين لديهم حساسية عالية ضد هذه الأخبار فيتأثر نفسياً, ويمسي ويصبح بشعور غير آمن, ومراعاة لمشاعر هؤلاء البشر - على سبيل المثال - يصبح من المنطقي تجاهل هذه الأخبار إعلامياً والتعامل معها في نطاقها الضيِّق.
لأن من أهم دلائل السعادة حسب مؤشرات الأمم المتحدة (الحالة النفسية للسكان)، فهي أهم مؤشر يعتمد عليه بهذا الشأن, ومضامين العلاقات العامة تدعم هذا المعيار, لذلك يمكن أن نقول إن تخصص السعادة وتخصص العلاقات العامة مرتبطان بعضهما ببعض تلمح ذلك عليهم وهم يمارسون عملهم اليومي, فالحياة معهم أسهل وعالمهم أجمل.