خالد بن حمد المالك
لم تكن زيارات ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان لكل من باكستان والهند والصين التي بدأت من باكستان يوم أمس الأحد 17 فبراير مصادفة، بل هي امتداد لزيارات سابقة قام بها ملوك وأمراء ومنهم الملك سلمان والأمير محمد بن سلمان، ضمن التحرك التاريخي النشط الدائم في العالم لإبقاء العلاقات الثنائية مع هذه الدول الآسيوية المهمة قوية وراسخة ومليئة بتطلعات قيادات وشعوب المملكة وكل من باكستان والهند والصين.
* *
لكن اللافت للنظر أن هذه الزيارة يُنظر لها على أنها تأخذ بعداً استراتيجياً مهماً من حيث الزمان، والتطورات المتلاحقة في القارة الآسيوية التي تجمع في إطارها الدول الأربع، وكذلك من حيث وجود فرص للتعاون اقتصادياً وأمنياً وسياسياً بأكثر مما كان عليه الوضع في الأعوام السابقة، مما يعزز من استثمار التأثيرات الإيجابية في العلاقات التي تقود نحو تحقيق المزيد من المصالح المشتركة التي تحرص كل دولة على الشراكة فيها مع المملكة.
* *
على أن التحضير الشعبي والرسمي الذي سبق زيارة ولي العهد لكل من هذه الدول، والحفاوة في الترحيب لسموه قبل وصوله إليها، فُسّر على أن كل دولة حرصت على إظهار رغبتها في التعاون مع المملكة بشكل يفوق ما كان عليه الحال في الماضي، وهذا الحرص نابع من القوة التي تتمتع بها المملكة اقتصادياً، وما تمثله الرؤية 2030 من تسهيلات لفتح المجال واسعاً أمام المستثمرين، مع وجود أنظمة وسياسات جديدة تشجع المستثمر بما يجده في المملكة من بيئة آمنة ومطمئنة للاستفادة من الفرص المناسبة.
* *
ومن المؤكد أن الدول الثلاث بإمكاناتها البشرية والاقتصادية، واهتمامها بالأسواق التي تتوفر فيها الفرص الاستثمارية الواعدة، قد وجدت في أسواق المملكة غاياتها، وخاصة وأن سمو الأمير تحدث بوضوح في كل مناسبة جمعته بالمسؤولين والمستثمرين في هذه الدول وغيرها من أن المملكة تتغير بسرعة نحو تمكين الشركات والمؤسسات ورجال الأعمال في هذه الدول أن تكون المملكة ضمن خياراتهم في الاستثمار، وأنها سوف توفر لهم كل الضمانات والأسباب والمغريات التي تشجعهم وتزيل التردد عنهم في قراراتهم الاستثمارية.
* *
والأمير محمد بهذه الزيارات، إنما يقود سياسة اقتصادية منفتحة، ويوظف المال السعودي، ويتيح الفرص للمال الأجنبي من أجل أن تكون المملكة إحدى الدول الصناعية في المستقبل القريب، وذلك بتوطين عدد من الصناعات بدلاً من الاعتماد على الاستيراد الأجنبي، وثم إيجاد فرص وظيفية للمواطنين السعوديين، ممن تتوفر فيهم الكفاءة والمقدرة والخبرة والتعليم العالي المتخصص، خاصة وأن هناك وفرة من هؤلاء، إلى جانب الشباب والشابات حديثي التخرج من الجامعات.
* *
إن الحديث عن هذه الزيارات يقتضي منا أن نعطي لكل دولة ما يخصها من انطباعات بدءاً بأول محطة لسموه وهي باكستان ومن ثم الهند فالصين، وما هذه الحلقة إلا مقدمة لسلسلة من المقالات عن زيارة سموه لكل دولة، على أمل أن نكون بهذه الحلقات قد أعطينا هذه الزيارة الأميرية ما تستحقه من اهتمام ومتابعة، نسبة لأهميتها وبعدها العملي والاقتصادي والأمني محلياً وإقليميا ودولياً.
- يتبع