م. بدر بن ناصر الحمدان
مديري العزيز، لطالما كان ديدننا الاعتزاز بعملك، وما قدمته من جهد كبير، كانت ثمرته إنجازات ستحملها لك ذاكرة المكان والزمان، لقد كنا فخورين بالعمل تحت إدارتك طوال السنوات التي مضت، ولا زلنا وسنبقى نحمل لك كل التقدير والاحترام، نعلم جميعاً أنك أفنيت عمرك الوظيفي في خدمة إدارتنا، وبذلت كل ما في وسعك لتحقيق أهدافها وقيادتها نحو ما نصبو إليه جميعاً، وندين لك بالفضل - بعد الله - لما وصلنا إليه من مستوى متميز وأداء فعّال، لقد كنت مثالا محتذى في خلقك وتعاملك وحسن إدارتك التي كوّنت بها صورة إيجابية ومثالية عن شخصك الكريم.
أيها القائد الإداري الذي نعتز به، لعلك لا تتفاجأ اليوم بأننا نطلب منك أن تترجل، وتتخذ قراراً بالتنحي ومغادرة موقعك الذي صنعته بعد رحلة طويلة مليئة بالإخلاص والتفان، لقد حان الرحيل ومنح الآخرين فرصة مواصلة الطريق الذي بدأته قبل زمن مضى، لتبقى صورتكم في نظرنا وفي نظر الجميع ذلك الملهم الذي عبر بنا كل تلك المسافات.
تنازل عن كل ما أنجزته للآخرين، دعهم يعيشون رحلة جديدة من العمل والنجاح والإنجاز الذي يفتخرون به معنا، تماماً مثل ما قمت به أنت، ليس مطلوب منك الوصول إلى نهاية الطريق، لقد أنجزت مهمتك وبكل اقتدار، ربما أنك سمعت يوماً بسباق التتابع، وكيف يقوم العداؤون بتسليم مراحل السباق بينهم، ومن يصل منهم خط النهاية أولا يمنح التتويج لهم جميعاَ.
عزيزي المدير، تذكر أن ثقافة ترك المنصب في أوج العمل خطوة احترافية، ومبدأ إيجابي، وقرار أخلاقي، ستحفظه لك عربة التاريخ، اعلم حفظك الله أن التغيير من تقاليد الإدارة الناضجة، وسمة لا يتحلى بها سوى القادة الكبار، وجزء لا يتجزأ من قيم وتقاليد المنظمات الطموحة والناجحة، وخطوة لا يجرؤ عليها إلا من يمتلك الإرادة والخبرة والتجربة والثقة والقدرة على تحفيز الآخرين والدفع بهم إلى الأمام، ولا يؤمن بها سوى من يعتز بمنظومة الاستثمار في الإنسان والذي يمثّل أرقى درجات الإنجاز.
ثق أننا أوفياء لك، ونتمنى لك الخير، ولكن جاء اليوم الذي تنتقل فيه إدارتنا إلى مرحلة جديدة من التغيير والتطوير، لمواكبة الحدث، وبناء مستقبل أكثر حيوية، وتبني أفكاراً مبتكرة، نحن بحاجة إلى جيل من العقول الشابة لتتولى القيادة، لدينا رغبة شديدة في الانطلاق، وإعادة اكتشاف أنفسنا وتوظيف قدراتنا، هناك جيل بأكمله ينتظر إشارة البدء، لأننا نحبك، ابدأ حياة جديدة.
وأنت عزيزي الموظف، كن جزءا من هذا التغيير، وأرسل هذا المقال إلى مديرك، فإن كان محترفاً فإنه سيغادر في أقرب فرصة، وإن لم يكن كذلك فحتماً ستغادر أنت وبكل تأكيد، كن شجاعاً وارسله فوراً، ففي كلتا الحالتين أنت الرابح من التغيير، أخيراً لا تنسى أن تخبرني بما حدث.