عمر إبراهيم الرشيد
قبل أيام أقام لي زملاء العمل حفلاً توديعياً بعيداً عن التكلف، مع انتهاء عقدي مع الشركة التي عملت فيها لفترة ليست بالطويلة. ولئن كانت المشاعر مزدحمة فقد صعب معها انتقاء الكلمات التي أردت التعبير بها عن مشاعر الامتنان لما غمرني به زملائي من مواطنين ومتعاقدين عرباً وغربيين. قلت هي محطة أقمت فيها فترة من الزمن ومن ثم استقليت القطار إلى محطتي القادمة، ولكم أن تتصوروا ما يمكن أن يقوم به المسافر حين يستقل القطار، فهو بين استعراض ما مر به من مواقف وما اكتسبه من معارف والذكريات حلوها ومرها التي حملها معه من محطته التي غادرها، وبين خياله وتصوراته وآماله في محطته القادمة. وقلت هي فترة قصيرة قياساً إلى فترات العمل المعتادة، لكنها مليئة بالدروس، فالشركة التي عملت بها استشارية دولية مختصة بإدارة المشاريع وتعمل مع جهة حكومية، وعملت في مجالي مع خبراء أجانب ومواطنين، ورأيت بعضاً من ملامح التحول الوطني في مجال إدارة المشاريع، كما رأيت أن الخبرات التراكمية لأولئك الخبراء في تلك الشركة الدولية تفوق أهمية الشهادات الأكاديمية، بل أنها هي ما تعول عليه تلك الشركة وتعتمده وتنميه. وكمثال على ذلك فلدى الشركة تلك برامج تدريب وصقل مهني تقدمه لموظفيها في فروعها المنتشرة في دول العالم، أو عن طريق التدريب عن بعد.
شهدت كذلك التحول في سياسة التوظيف وفتح فرص العمل للجنسين، ورأيت أن معظم الزملاء من المواطنين والمواطنات هم من درسوا خارج المملكة ضمن برنامج الابتعاث، وهو ما لم أشاهده بهذا الكم في أماكن عمل سابقة، ما يعني أن جيلاً شاباً بدأ في تسلم وظائف قيادية ومساعدة، وهم من سوف يعتمد عليهم الوطن بعد توفيق الله للتحول الاقتصادي المنشود والتطوير النوعي المأمول.
نسعى في هذه الحياة للكسب الحلال ونواجه في سعينا هذا شتى المواقف والمشاعر والذكريات، ومع ضعفنا البشري وبحثنا عن الكمال، تبقى المشاعر الإنسانية وتمنيات من زاملتهم في العمل بل وحزن البعض منهم لمغادرتي، إثراءً للنفس ودرساً يذكر بأن المؤمن كثير بإخوانه.