د. محمد عبدالله الخازم
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تمر بتحولات وتغيرات إدارية، ووزارة التعليم تتغير قيادتها، والبلد يمر بتحولات تنظيمية مختلفة، وتبقى المعاهد العلمية كأنها التابوه الذي لا يراد نقاشه من الناحية التنظيمية والإدارية. يوجد 66 معهدًا علميًا بمختلف مناطق المملكة، بحسب إحصاءات عام 2015م، ومرجعيتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وليس الإدارات التعليمية، كما هو مفترض في تنظيم التعليم العام. لا أريد نقد ما تقدمه المعاهد العلمية من تعليم، لأنني احترم رغبات الآخرين في اختيار ما يرونه الأنسب لهم بغض النظر عن قناعاتي، سواءً تعليمًا حديثًا أو التعليم عن طريق مدراس تحفيظ القرآن أو عن طريق المعاهد العلمية أو عن طريق المعاهد التقنية أو غيرها من أنماط التعليم الحكومي والأهلي. لذلك أنا لن أدخل هنا في تفاصيل تعليمية وأكاديمية، وإن كنت أرى أهمية وضع مبادئ أو مناهج أساسية للتعليم العام والسماح إضافة عليها من الأنماط الأخرى، كأن يكون هناك حد أدنى من المناهج تطبق على الجميع وللبعض اختيار إضافة مواد بلغة أخرى أو مواد دينية أو مواد تقنية أو موسيقية أو غير ذلك. تلك مهمة وزارة التعليم وضع أهداف ومتطلبات منهج وطني أساسي، يسري على جميع أنماط المدارس..
ما دام كذلك، فلماذا أكرر الكتابة في هذا الأمر مع قدوم وزير جديد للتعليم، وبماذا أطالب؟
أطالب بتصحيح إداري تنظيمي لوضع المعاهد العلمية وتحديدًا أطالب بتحويل مرجعية المعاهد العلمية لتكون تابعة لوزارة التعليم/ الإدارات التعليمية مباشرة وليس لجامعة بذاتها، أسوة بمدارس التعليم العام ومدارس تحفيظ القرآن والمدارس الحكومية والأهلية الأخرى.
جامعة الإمام ستخسر بعض المميزات المادية والوظيفية وسيعارض رغبتها الأيدلوجية تنفيذ هذا الطلب، لكن في النهاية القرار يجب أن يكون قرار وزارة التعليم، وهو إداري وتنظيمي بحت بالدرجة الأولى. لقد صدرت قرارات عليا سابقة بدمج وزارة التربية مع رئاسة تعليم البنات ودمج وزارتي التربية والتعليم العالي في وزارة التعليم وفصل فروع جامعات لتتحول إلى جامعات مستقلة وغير ذلك من القرارات الإدارية التصحيحية أو التطويرية الكبرى. ليس هناك ما يمنع، وليس هناك مقدس في موضوع نقل مرجعية المعاهد العلمية. بل إن ذلك سيخدم جامعة الإمام، وقد تضخمت وترهلت أكثر مما يجب، لتركز في مهامها الأكاديمية في مجال التعليم العالي كجامعة حديثة متطورة وسيخدم المعاهد العلمية لتستفيد من حراك التطوير الكبير الذي تمر به المرحلة التعليمية بصفة عامة في المملكة.
نموذج المعاهد العلمية التابعة لجامعة دينية تم استيراده من دولة كان لديها فصل واضح بين التعليم الديني والتعليم العلماني البحث، بينما المملكة العربية السعودية تُعَدُّ بلدًا إسلاميًا وجميع أنماط تعليمنا تسير وفق مبادئ إسلامية ولا يوجد لدينا الفصل الواضح بين التعليم الديني والتعليم العلماني، وبالتالي فليس هناك مبرر لإشراف الجامعة على التعليم الأساسي...
أطالب بتجاوز الحساسية غير المبررة تجاه موضوع المعاهد العلمية ونقل مرجعيتها لوزارة التعليم، لأجل مصلحتها ومصلحة جامعة الإمام والمصلحة العامة في موضوع تطوير تعليمنا العام بفروعه وأنواعه كافة.